البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٧١
المهاجرة. كذا في الهداية تبعا لما في المبسوط. وذكر الإمام الطحاوي وجو ب العدة عليها، وأطلقه وينبغي حمله على اختيار قولهما. وأفاد بتوقف البينونة على الحيض أن الآخر لو أسلم قبل انقضائها فلا بينونة. وأطلق في الاسلام أحدهما في دار الحرب فشمل ما إذا كان الآخر في دار الاسلام أو في دار الحرب، أقام الآخر فيها أو خرج إلى دار الاسلام فحاصله أنه ما لم يجتمعا في دار الاسلام فإنه لا يعرض الاسلام على المصر، سواء خرج المسلم أو الآخر، لأنه لا يقضى لغائب ولا على غائب. كذا في المحيط. وأشار بالحيض إلى أنها من ذواته فلو كانت لا تحيض لصغر أو كبر فلا تبين إلا بمضي ثلاثة أشهر. وبهذا علم أن مسألة ما إذا أسلم أحد الزوجين على اثنين وثلاثين وجها لأن الثمانية المتقدمة على أربعة لأنهما إما أن يكونا في دار الاسلام أو في دار الحرب أو أحدهما في دار الاسلام فقط وهو صادق بصورتين. ولم يبين صفة البينونة هل هي طلاق أو فسخ للاختلاف ففي السير أنها طلاق عند أبي حنيفة ومحمد لأن انصرام هذه المدة جعل بدلا عن قضاء القاضي والبدل قائم مقام الأصل، وعند أبي يوسف فسخ وهو رواية عنهما لأن هذه فرقة وقعت حكما لا بتفريق القاضي فكانت فسخا بمنزلة ردة الزوج وملكه امرأته. كذا في المحيط. وينبغي أن يقال: إن كان المسلم هو المرأة فهي فرقة بطلاق لأن الآبي هو الزوج حكما وقد أقيم مضي المدة مقام إبائه وتفريق القاضي وإباؤه طلاق عندهما فكذا ما قام مقامه، وإن كان المسلم هو الزوج فهي فسخ لما تقدم في إبائها فكذا حكم ما قام مقامه. وأما وقوع الطلاق عليها فإن كان قبل البينونة فلا إشكال في الوقوع لأنها زوجة، وإن كان بعد البينونة بمضي المدة فإن كان في العدة عند من أوجبها وقع وإلا فلا. وأما عند من لم يوجبها فهي أجنبية من كل وجه فلا يقع شئ، ولا شك أن هذه المسألة من أفراد المسألة السابقة ففيها الأقسام الستة، وأما القسمان الآخران فخارجان بقوله قوله: (ولو أسلم زوج الكتابية بقي نكاحهما) فهو مخصص لكل من المسألتين صادق بصورتين ما إذا كان الزوج كتابيا أو مجوسيا لأنه يصح النكاح بينهما ابتداء فلان يبقى أولى، ولو تمجست يفرق بينهما لفساد النكاح.
قوله: (وتباين الدارين سبب الفرقة لا السبي) والشافعي يعكسه لأن التباين أثره في انقطاع الولاية وذلك لا يؤثر في الفرقة كالحربي المستأمن والمسلم المستأمن، أما السبي فيقتضي الصفاء للسابي ولا يتحقق إلا بانقطاع النكاح ولهذا يسقط الدين عن ذمة المسبي: ولنا أن مع التباين حقيقة وحكما لا ينتظم المصالح فشابه المحرمية، والسبي يوجب ملك الرقبة وهو لا
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست