البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٨
مراده هنا. أطلق في الآخر فشمل البالغ والصبي لكن بشرط التمييز حتى يفرق بينهما بإباء الصبي المميز باتفاق على الأصح، والفرق لأبي يوسف بين ردته وإبائه أن الاباء تمسك بما هو عليه فيكون صحيحا، فأما الردة فإنشاء لما لم يكن موجودا وهو يضره فلا يصح منه. كذا في المبسوط. وفيه: الأصل أن كل من صح منه الاسلام إذا أتى به يصح منه الاباء إذا عرض عليه ا ه‍. وأما الصبي الذي لا يميز فإنه ينتظر عقله أي تمييزه، والصبية كالصبي بخلاف ما إذ كان مجنونا فإنه لا ينتظر بل يعرض على أبوية لأنه ليس له نهاية معلومة كالمرأة إذا وجدت الزوج عنينا فإنه يؤجل، ولو مجبوبا فإنه لا يؤجل بل يفرق للحال لعدم الفائدة في الانتظار بخلاف العنين يؤجل لافادته. ومعنى العرض على أبوي المجنون أن أي الأبوين أسلم بقي النكاح لأنه يتبع المسلم منهما. كذا في فتح القدير. ويرد على المصنف ما إذا أسلم الزوج وهي مجوسية فتهودت أو تنصرت داما على النكاح كما لو كانت يهودية أو نصرانية من الابتداء. كذا في المبسوط. وقوله فإن أسلم وإلا فرق بينهما ينافيه. وقيد بالاسلام لأن النصرانية إذا تهودت أو عكسه لا يلتفت إليهم لأن الكفر كله ملة واحدة، وكذا لو تمجست زوجة النصراني فهما على نكاحهما كما لو كانت مجوسية في الابتداء. ومعنى قوله وإلا فرق بينهما أنه إن لم يسلم الآخر بأن أبى عنه فرق بينهما، وأما إذا لم يسلم ولم يمتنع. بأن سكت فإنه يكرر العرض عليه لما في الذخيرة: إذا صرح بالاباء فالقاضي لا يعرض الاسلام عليه مرة أخرى ويفرق بينهما، فإن سكت ولم يقل شيئا فالقاضي يعرض عليه الاسلام مرة بعد أخرى حتى تتم الثلاث احتياطا ا ه‍.
قوله: (وإباؤه طلاق لا إباؤها) وقال أبو يوسف: لا يكون طلاقا في الوجهين لأن الفرقة بسبب يشترك فيه الزوجان فلا يكون طلاقا كالفرقة بسبب الملك. ولهما أنه بالاباء امتنع عن الامساك بالمعروف مع قدرته عليه بالاسلام فينوب القاضي منابه في التسريح بالاحسان كما في الجب والعنة، أما المرأة فليست بأهل للطلاق فلا ينوب منابها عند إبائها.
كذا في الهداية. ومراده أنه لا ينوب منابها في الطلاق لأنه ليس إليها وإنما ينوب منابها فيما إليها وهو التفريق على أنه فسخ. والحاصل أنه نائب عن كل منهما فيما إليه لا كما يتوهم من عبارة الهداية أنه نائب عن الزوج لا عنها لأنه لو كان كذلك لم تتوقف الفرقة على القضاء فيما إذا كانت الآبية، وليس مراده أن الطلاق يقع بمجرد إبائه كما هو ظاهر العبارة لما قدمه من
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست