البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٥٨
قوله: (ودعوة الجد كدعوة الأب حال عدمه) أي عدم الأب لقيامه مقامه، والمراد بعدمه عدم ولايته بالموت أو الكفر أو الرق أو الجنون لا عدم وجوده فقط، وليس مراده بحال العدم أن يكون الأب معدوما وقت الدعوة فقط لأنه يشترط أن يكون معدوما وقت العلوق أيضا، فيحنئذ يشترط أن يثبت ولايته من وقت العلوق إلى وقت الدعوة حتى لو أتت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح دعوته لما ذكرنا في الأب، ولما شرط المصنف عدم الأب لولاية دعوة الجد علم أن ولاية الحد منتقلة من الأب إليه فأفاد أنه أبو الأب، وأما الجد أبو الأم وغيره من ذوي الرحم المحرم فلا يصدق في جميع الأحوال لفقد ولايتهم. كذا في المحيط قوله: (ولو زوجها أباه فولدت لم تصر أم ولد له ويجب المهر لا القيمة وولدها حر) لأنه يصح التزوج عندنا خلافا للشافعي لخلوها عن ملك الأب، ألا ترى أن الابن ملكها من كل وجه فمن المحال أن يملكها الأب من وجه، وكذلك يملك الابن من التصرفات ما لا يبقى معها ملك الأب لو كان فدل ذلك على انتفاء ملكه إلا أنه يسقط الخد للشبهة، فإذا أجاز النكاح صار ماؤه مصونا به فلم يثبت ملك اليمين فلا تصير أم ولد له ولا قيمة عليه فيها ولا في ولدها لأنه لم يملكها وعليه المهر لالتزامه بالنكاح، والولد حر لأنه ملك أخاه فعتق عليه بالقرابة. كذا في الهداية. وظاهره أن الولد علق رقيقا واختلف فيه، فقيل يعتق قبل الانفصال، وقيل يعتق بعد الانفصال وثمرته تظهر في الإرث حتى لو مات المولى وهو الابن يرثه الولد على الأول دون الثاني، والوجه هو الأول لأن الولد حدث على ملك الأخ من حين العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة بالحديث. كذا في غاية البيان.
والظاهر عندي هو الثاني لأنه لا ملك له من كل وجه قبل الوضع لقولهم الملك هو القدرة على التصرفات في الشئ ابتداء، ولا شك أنه لا قدرة للسيد على التصرف في الجنين قبل وضعه ببيع أو هبة وإن صح الايصاء به واعتاقه فلم يتناوله الحديث لأنه في المملوك من كل وجه، ولذا قالوا: لو قال كل مملوك أملكه فهو حر لا يتناول الحمل لأنه ليس بمملوك من كل وجه. فلو قال المصنف ولو تزوجها أبوه بدل قوله ولو زوجها أباه لكان أولى لشموله ما إذا كانت الجارية لولده الصغير فتزوجها الأب فإنه صحيح ولا تصير أم ولد له. قال قاضيخان في فتاواه: إذا تزوج الرجل جارية ولده الصغير فولدت منه لا تصير أم ولد له ويعتق الولد بالقرابة، وإذا أراد الرجل أن يطأ جاريته لا تصير أم ولد منه لو ولدت فإنه يبيعها من ولده الصغير ثم يتزوجها اه‍. أطلق في التزوج فشمل الصحيح والفاسد كما صرح به في التبيين لأن الفاسد منه يثبت فيه النسب فاستغنى عن تقدم الملك له. وفي النهاية:
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست