البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣١٦
بعضهم: يقضى ببينتها أيضا لأنها أظهرت شيئا لم يكن ظاهرا بتصادقهما، وأما الظهور بشهادة مهر المثل فلا اعتبار به لما قدمنا أنه لا يكون حجة على الغير. وقال بعضهم: يقضى ببينة الزوج لأن بينته تظهر حط الألف عن مهر المثل وبينتها لا تظهر شيئا لأن الألفين كانت ظاهرة بشهادة مهر المثل، وهذا القول جزم به الزيلعي في باب التحالف وفي هذا الموضع. وأما في الثالث وهو ما إذا كان بينهما فالصحيح أنهما يتهاتران لاستوائهما في الدعوى والاثبات ثم يجب مهر المثل كله فيتخير فيه الزوج بين دفع الدراهم والدنانير بخلاف التحالف لأن بينة كل واحد منهما تنفي تسمية صاحبه فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل ولا كذلك التحالف لأن وجوب قدر ما يقربه الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل. هكذا ذكره الكرماتي. وذكر قاضيخان أنه يجب قدر ما اتفقا عليه على أنه مسمى والزائد على أنه مهر المثل كما في التحالف، والظاهر الأول كما لا يخفى. وفي المحيط وقال محمد: رجل أقام بينة على أنه تزوج هذه المرأة بألف وأقامت بينة أنه تزوجها على ألفين فالمهر ألف، ولو أقام رجل بينة أنه اشترى هذه الدار بألف وأقام البائع بينة أنه باعها منه بألفين فهي بألفين. والفرق أن في البيع أمكن العمل بالبينتين لاحتمال أنه اشترى منه أولا ثم اشتراها منه بألفين ثانيا كما سيأتي فيصح، لأن البيع يحتمل الفسخ والنكاح لا يحتمل الفسخ وكل منهما ادعى عقدا غير ما ادعاه الآخر فتهاترت البينتان ووجب لها الألف باعتراف الزوج اه‍. فإن كان هذا من محمد نقلا للمذهب لا قوله وحده فمعنى قولهم وإن برهنا فللمرأة ما إذا شهدت بينته بأن المهر ألف وبينتها بأن المهر ألفان ولم تقع الشهادة بالعقد، أما إذا وقعت بالعقد ومعه مسمى فقد علمت حكمه. وأطلق في القدر فشمل النقد والمكيل والموزون لما في المحيط ولو كان المهر مكيلا أو موزونا بعينه فاختلفا في قدر المكيل والموزون والمذروع فهو مثل الاختلاف في الألف والألفين لأنه اختلاف في الذات ألا ترى أن إزالة البعض منه لا تنقص الباقي اه‍. وحاصل الاختلاف في القدر لا يخلو إما أن يكون المهر دينا أو عينا، فإن كان دينا موصوفا في الذمة بأن تزوجها على مكيل موصوف أو موزون أو مذروع كذلك فاختلفا في قدر المكيل والوزن والذرع فهو كالاختلاف في قدر الدراهم والدنانير، وإن كان عينا، فإن كان مما يتعلق العقد بقدره، فإن تزوجها على طعام بعينه فاختلفا في قدره فقال الزوج تزوجتك على هذا الطعام على أنه كر فقالت إنه كران فهو كالألف والألفين، وإن كان مما لا يتعلق العقد بقدره بأن تزوجها على ثوب بعينه كل ذراع منه يساوي عشرة دراهم فاختلفا فقال الزوج تزوجتك على هذا الثوب بشرط أنه ثمانية أذرع فقالت بشرط أنه عشرة أذرع لا يتحالفان، ولا يحكم مهر المثل والقول قول الزوج بالاجماع. كذا في البدائع. وهذه
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست