البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣١٥
كتاب الرجوع عن الشهادة لو ادعى أنه تزوجها على مائة وهي تدعي أنه تزوجها على ألف ومهر مثلها ألف وأقام البينة ثم رجع الشهود لا يضمنون عند أبي يوسف لأنه لولا الشهادة كان القول قوله، ولم يجعل المائة مستنكرا في حقها، واختاره في فتح القدير. وعبارة الجامع الصغير: إلا أن يأتي بشئ قليل. وفي غاية البيان: ولفظ الجامع الصغير أبين اه‍. مع أن الاحتمال موجود فيها أيضا لأنه يحتمل أن يكون المراد بالقليل ما قل شرعا أو عرفا فساوت التعبير بالمستنكر المذكور في غيره. وظاهر كلام المصنف هنا أن تحكيم مهر المثل معتبر قبل التحالف وهو مبني على تخريج أبي بكر الرازي، وحاصله أن التحالف على تخريجه في فصل واحد وهو ما إذا خالف مهر المثل قولهما، وأما إذا وافق قول أحدهما فالقول قوله وهو المذكور في الجامع الصغير لأنه لا حاجة إليه مع شهادة الظاهر. وذكر المصنف في باب التحالف من كتاب الدعوى أنهما يتحالفان ثم يحكم مهر المثل وهو على تخريج الكرخي وصححه في المبسوط والمحيط. وحاصله وجوب التحالف في الفصول الثلاثة أعني ما إذا وافق مهر المثل قوله أو قولها أو خالفهما، فإذا تحالفا قضى بقوله لو كان مهر المثل كما قال، وبقولها لو كان كما قالت، وبمهر المثل لو كان بينهما لأن مهر المثل لا يصار إليه إلا عند سقوط التسمية وهي لا تسقط إلا بالتحالف، والظاهر لا يكون حجة على الغير، ولم أر من صحح تخريج الرازي فكان المذهب تخريج الكرخي، فيحمل كلام المصنف هنا عليه ليطابق ما صرح به في بابه. ولم يذكر المصنف في الموضعين بمن يبدأ في التحالف للاختلاف فذكر في غاية البيان أنه يقرع بينهما يعني استحبابا لأنه لا رجحان لأحدهما على الآخر.
واختار في الظهيرية والولوالجية وشرح الطحاوي وكثير أنه يبدأ بيمين الزوج لأن أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه كتقديم المشتري على البائع في التحالف. والخلاف في الأولوية حتى لو بدأ بأيهما كان جائزا كما في فتح القدير. وقيدنا بعدم إقامة البينة لأنه لو قامت لأحدهما بينة قضى ببينته، وإنما سكت عنه المصنف هنا لأنه صرح به في بابه وعبارته:
وإن اختلفا في المهر قضى لمن برهن، وإن برهنا فللمرأة، وإن عجزا تحالفا إلى آخره إلا أن قوله وإن برهنا فللمرأة شامل لما إذا كان مهر المثل شاهدا له أو لها أو بينهما، وفي الأول البينة بينتها لأنها تثبت أمرا زائدا، وأما في الثاني ففيه اختلاف ذكره في البدائع. قال
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست