البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٢٧
بين نفيه والسكوت عنه كما في الهداية. وفي فتح القدير: إن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل عنده إذا سكتا عنه مخالفا لما في الهداية لأن النكاح معاوضة فما لم ينص على نفيه يكون مستحقا لها. والواو في قوله وذا جائز للحال وقوله فلا مهر جواب المسألة، وضبط في غاية البيان إلا من أربى أنه حرف التنبيه لا استثناء. وقيد المصنف بالمهر لأن بقية أحكام النكاح ثابتة في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق والعدة والتوارث بالنكاح الصحيح كالنسب وثبوت خيار البلوغ وحرمة نكاح المحارم والمطلقة ثلاثا كما في التبيين، وظاهره أنه متفق عليه. وأما الكفاءة ففي الخانية أن الذمية إذا زوجت نفسها رجلا لم يكن لوليها حق الفسخ إلا أن يكون أمرا ظاهرا بأن زوجت بنت ملكهم أو حبرهم نفسها كناسا أو دباغا منهم أو نقصت من مهرها نقصانا فاحشا كان لأوليائها أن يطالبوه بالتبليغ إلى تمام مهر المثل أو يفسخ اه‍. وفائدة عدم المهر في هذه المسائل أنهما لو أسلما أو أحدهما أو ترافعا أو أحدهما إلينا لا نحكم به، ومسألة خطاب الكفار وتفاصيلها أصولية لم تذكر عن أبي حنيفة وأصحابه وإنما هي مستنبطة، وتمامه في كتابنا المسمى بلب الأصول.
قوله: (ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين فأسلما أو أسلم أحدهما لها الخمر والخنزير وفي غير العين لها قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير) بيان لما إذا سميا ما هو مال عندهما وليس بمال عندنا. وحاصله أن التسمية صحيحة ولها المسمى فإن قبضته صح، وإن لم تقبضه حتى أو أسلما أحدهما فهو عى وجهين: إما أن يكون ذلك المسمى معينا أو غير معين. فإن كان معينا فليس لها إلا هو قيميا كان أو متليا، وإن كان غير معين فلها القيمة في المثلي ومهر المثل في القيمي. وهذه كله عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لها مهر المثل في الوجهين. وقال محمد: لها القيمة في الوجهين. وجه قولهما أن القبض مؤكد للملك في المقبوض فيكون له شبه بالعقد فيمتنع بسبب الاسلام كالعقد وصار كما إذا كانا بغير أعيانهما، وأما إذا التحقت حالة القبض بحالة العقد فأبو يوسف يقول لو كانا مسلمين وقت العقد يجب مهر المثل فكذا هنا، ومحمد يقول صحت التسمية لكون المسمى مالا
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست