البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٤٧
وكله أن يزوجه فلانة أو فلانة فأيتهما زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة، وإنه زوجهما جميعا في عقدة واحدة لم يجز واحدة منهما كما لو وكل رجلا أن يزوجه امرأة فزوجه امرأتين في عقدة واحدة لم يجز اه‍. وقيد بكون المرأة منكرة أخذا من التنكير لأنه لو عينها فزوجها وأخرى معها تلزمه المعينة. وقيد في الهداية نكاح المرأتين بأن يكون في عقد واحد لأنه لو زوجهما في عقدتين تلزمه الأولى ونكاح الثانية موقوف على الإجازة لأنه فضولي فيه، ولذا قال في المختصر بامرأتين ولم يقل بعقدين، وفرعوا على أن التنصيص على الشئ لا ينفي الحكم عما عداه لو قال زوج ابنتي هذه رجلا يرجع إلى علم ودين بمشورة فلان فزوجها رجلا على هذه الصفة من غير مشورة فإنه يجوز كما في الخانية، وأما إذا قال له بع عبدي هذا بشهود أو بمحضر فلان فباعه بغير شهود أو بغير محضر فلان فإنه يجوز بخلاف ما إذا قال لا تبعه إلا بشهود فباعه بغير شهود فإنه لا يجوز كما في الظهيرية قوله: (لا بأمة) أي لا يكون المأمور بنكاح امرأة مخالفا بنكاح أمة لغيره فينفذ على الموكل عند أبي حنيفة رجوعا إلى إطلاق اللفظ وعدم التهمة. وقالا: لا يجوز أن يزوجه كفئا لأن المطلق ينصرف إلى المتعارف وهو التزوج بالاكفاء. قلنا: العرف مشترك أو هو عرف عملي فلا يصح مقيدا، وذكر في الوكالة أن اعتبار الكفاءة في هذا استحسان عندهما لأن كل واحد لا يعجز عن التزوج بمطلق الزوجة فكانت الاستعانة في التزوج بالكف ء. كذا في الهداية. وظاهره ترجيح قولهما لأن الاستحسان مقدم على القياس إلا في مسائل معدودة ليس هذا منها، ولذا قال الأسبيجابي:
قولهما أحسن للفتوى واختاره أبو الليث. وفي فتح القدير: والحق أن قول أبي حنيفة ليس قياسا لأنه أخذ بنفس اللفظ المنصوص فكان النظر في أي الاستحسانين أولى اه‍.
قيد بكونه أمره بنكاح امرأة ولم يصفها لأنه لو وكله بتزويج حرة فزوجه أمة أو عكسه لم يجز، ولو زوجه في عكسه مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة جاز. وأطلق في الآمر فشمل الأمير وغيره، ووضعها في الهداية في الأمير ليفيد أن غيره بالأولى. وقيد بكون الآمر رجلا لأنها لو وكلته في تزويجها ولم تعين فزوجها غير كف ء كان مخالفا على قول أبي حنيفة أيضا على الأصح كما في الخانية لاعتبارها من جهة الرجال، وإن كان كفئا إلا أنه أعمى أو مقعد أو صبي أو معتوه فهو جائز، وكذا لو كان خصيا أو عنينا وإن كان لها التفريق بعد ذلك. وأفاد المصنف أن الامر المطلق يجري على إطلاقه ولا يجوز تقييده إلا بدليل، وإن العرف المشترك لا يصح مخصصا فالوكيل بتزويج امرأة ليس مخالفا لو زوجه عمياء أو شوهاء لها لعاب سائل
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست