البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
اختلاف بين المشايخ كما في الذخيرة، ولا عبرة بالبلد فالقروي كفء للمدني كما في فتح القدير. فعلى هذا التاجر في القرى يكون كفئا لبنت التاجر في المصر للتقارب. ولا تعتبر الكفاءة عندنا في السلامة من العيوب التي يفسخ بها البيع كالجذام والجنون والبرص والبخر والدفر كما سيأتي، ولا تعتبر الكفاءة بين أهل الذمة، فلو زوجت نفسها فقال وليها ليس هذا كفئا لم يفرق بل هم أكفاء بعضهم لبعض. قال في الأصل: إلا أن يكون نسبا مشهورا كبنت ملك من ملوكهم خدعها حائك أو سائس فإنه يفرق بينهم لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين.
قوله: (ولو نقصت عن مهر مثلها للولي أن يفرق بينهم أو يتم المهر) يعني عند أبي حنيفة. وقالا: ليس له ذلك لأن ما زاد عن العشرة حقها ومن أسقط حقه لا يعترض عليه كما في الابراء بعد التسمية. ولأبي حنيفة أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهر ويتعيرون بنقصانها فأشبه الكفاءة بخلاف الابراء بعد التسمية لأنه لا يعير به، فحاصله أن في المهر حقوقا ثلاثة:
أحدها حق الشرع وهو أن لا يكون أقل من عشرة دراهم أو ما يساويها والثاني حق الأولياء وهو أن لا يكون أقل من مهر المثل. والثالث حق المرأة وهو كونه ملكا لها. ثم حق الشرع والأولياء مراعى وقت الثبوت فقط فلا حق لهما حالة البقاء. وأفاد بقوله للولي أن يفرق أن الولي لو فرق بينهما قبل الدخول فلا مهر لها وإن كان بعده فلها المسمى، وكذا إذا مات أحدهما قبل التفريق فليس لهم المطالبة بالتكميل لأن الثابت لهم ليس إلا أن يفسخ أو يكمل، فإذا امتنع هنا عن تكميل المهر لا يمكن الفسخ، وإن طلقها الزوج قبل تفريق الولي قبل الدخول فلها نصف المسمى كما في المحيط. والمراد من الولي هنا العصبة وإن لم يكن محرما على المختار كما قدمناه في الكفاءة فخرج القريب الذي ليس بعصبة، وخرج القاضي فلذا قال في الذخيرة من كتاب الحجر المحجور عليها: إذا تزوجت بأقل من مهر مثلها ليس للقاضي الاعتراض عليها لأن الحجر في المال لا في النفس اه‍.
قوله: (ولو زوج طفله غير كف ء أو بغبن فاحش صح ولم يجز ذلك لغير الأب والجد) يعني لو زوج الأب الصاحي ولده الصغير أمة أو بنته الصغيرة عبدا أو زوجه وزاد على مهر المثل زيادة فاحشة أو زوجها ونقص عن مهر مثلها نقصانا فاحشا فهو صحيح من الأب والجد دون غيرهما عند أبي حنيفة، ولم يصح العقد عندهما على الأصح لأن الولاية مقيدة بشرط
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست