البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٤٤
العاقد وإن صدر العقد منه كما في التجنيس. وتثبت الإجازة لنكاح الفضولي بالقول والفعل، فمن الأول أجزت ونحوه، وكذا نعم ما صنعت وبارك الله لنا وأحسنت وأصبت وطلقها إلا إذا قال المولى لعبده كما سيأتي في بابه. ومن الثاني قبول المهر بخلاف قبول الهدية. وقولها لا يعجبني هذا المهر ليس ردا فلها الإجازة. ومن أحكام الفضولي أنه يملك فسخ ما عقده في بعض الصور دون بعض كما ذكره أصحاب الفتاوى. قال في الظهيرية:
والفضولي في باب النكاح لا يملك الرجوع قبل الإجازة والوكيل في النكاح الموقوف يملك الرجوع قولا أو فعلا بيانه: رجل وكل رجلا بأن يزوجه امرأة فزوجه امرأة بالغة بغير إذنها أو زوجها أبوها فلم يبلغها حتى نقض الوكيل النكاح قولا أو فعلا بأن يزوجه أختها صح ولو كان فضوليا، والمسألة بحالها لا يملك. وروي عن أبي يوسف في قوله الأول أن الفضولي يملك الرجوع أيضا، والفضولي في باب البيع يملك الرجوع بالاجماع لأن الرجوع فرار عن العهدة في باب البيع بخلاف النكاح، وفي وجه الوكيل يملك الفسخ قولا لا فعلا بأن وكله بأن يزوجه امرأة بعينها فزوجها بغير رضاها ملك الوكيل نقضه قولا لأنه وكيل فيه، ولا يملك نقضه فعلا حتى لو زوجه أختها لا ينقض نكاح الأولى لأنه فضولي في نكاح الثانية، وفي وجه يملك الفسخ فعلا لا قولا نحو أن يوكل رجلا بأن يزوجه فأجاز الوكيل نكاحا باشره قبل ذلك صح استحسانا، ولا يملك نقض هذا النكاح قولا لأنه كان فضوليا حين عقده، ويملك نقضه فعلا بأن يزوجه أختها من غير رضاها لأنه وكيل في العقد الثاني اه‍.
فحاصله أن كل عقد صدر من الفضولي في النكاح فإنه لا يملك نقضه قولا ولا فعلا لأنه لا عهدة عليه ليتخلص منها إلا إذا صار وكيلا بعده فله نقضه فعلا لضرورة امتثال ما وكل فيه، وإنما ملك الوكيل في الموقوف الفسخ مع أنه لا عهدة عليه أيضا لتنجيز مراد الموكل فإنه لم يحصل مقصوده بالموقوف، فللوكيل الانتقال عنه إلى غيره. وإنما لم يجز له الفسخ فعلا في المسألة الثانية لأن الموكل بتزوجها معينة فحيث زوجها له انتهت وكالته فلم يملك تزويجا آخر، ولذا كان فضوليا في الثاني. وتفرع على الأصل المذكور ما لو زوج فضولي رجل خمس نسوة في عقد متفرقة فللزوج أن يختار أربعا منهن ويفارق الأخرى بخلاف ما لو تزوج الرجل خمس نسوة في عقد متفرقة بغير رضاهن لأن إقدامه على نكاح الخامسة يتضمن نقض نكاح الأربع دلالة بخلاف الفضولي لا يملك النقض لا صريحا ولا دلالة. كذا في الظهيرية. ومن أحكامه أيضا أن العقد النافذ من جانب إذا طرأ على غير نافذ الجانبين يرفعه، ولو طرأ موقوف على نافذ من أحد الجانبين لا يرفعه، ولو طرأ نافذ من أحد الجانبين على نافذ من جانبه يرفعه بيانه: رجل وكل رجلا بأن يزوجه امرأة بألف فزوجها إياه على خمسين دينارا بإذنها أو بغير إذنها ثم زوجها بألف ينفسخ الأول، ولو زوجها الوكيل إياه بألف درهم بغير إذنها ثم زوجها إياه بخمسين بغير إذنها يبقي الأول، فإن إجازته جاز ويبطل الثاني لأن الأول
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست