البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٣٥
لأن الناس يتفاخرون بشرف الحرف ويتعيرون بدناءتها وهي وإن أمكن تركها يبقى عارها كما في المجتبى. وفي الذخيرة معزيا إلى أبي هريرة رضي الله عنه: الناس بعضهم أكفاء لبعض إلا حائكا أو حجاما - وفي رواية - أو دباغا. قال مشايخنا: ورابعهم الكناس فواحد من هؤلاء الأربعة لا يكون كفئا للصيرفي والجوهري وعليه الفتوى. وبعد هذا المروي عن أبي يوسف أن الحرف متى تقاربت لا يعتبر التفاوت وتثبت الكفاءة، فالحائك يكون كفئا للحجام، والدباغ يكون كفئا للكناس، والصفار يكون كفئا للحداد، والعطار يكون كفئا للبزاز. قال شمس الأئمة الحلواني: وعليه الفتوى اه‍. فالمفتي به مخالفا لما في المختصر لأن حقيقة الكفاءة في الصنائع لا تتحقق إلى بكونهما من صنعة واحدة إلا أن التقارب بمنزلة المماثلة فلا مخالفة.
وفي فتح القدير: والحائك يكون كفئا للعطار بالإسكندرية لما هناك من حسن اعتبارها وعدم عدها نقصا البتة اللهم إلا أن يقترن بها خساسة غيرها اه‍. وينبغي أن يكون صاحب الوظائف في الأوقاف كفئا لبنت التاجر في مصر إلا أن تكون وظيفة دنيئة عرفا كسواق وفراش ووقاد وبواب، وتكون الوظائف من الحرف لأنها صارت طريقا للاكتساب في مصر كالصنائع اه‍. وينبغي أن من له وظيفة تدريس أو نظر يكون كفئا لبنت الأمير بمصر. وفي القنية: الحائك لا يكون كفئا لبنت الدهقان وإن كان معسرا، أو قيل هو كف ء اه‍. وفي المغرب: غلب اسم الدهقان على من له عقار كثيرة. وفي المجتبى: وهنا جنس أخس من الكل وهو الذي يخدم الظلمة يدعى شاكريا وتابعا وإن كان صاحب مروءة ومال فظلمه خساسة اه‍. وفي الظهيرية: والشاكرية لا يكون كفئا لاحد إلا لأمثالهم وهم الذين يتبعون هؤلاء المترفين. هكذا قاله شمس الأئمة الحلواني اه‍. ولا يخفى أن الظاهر اعتبار هذه الكفاءة بين الزوج وأبيها وأن الظاهر اعتبارها وقت التزوج، فلو كان دباغا أولا ثم صار تاجرا ثم تزوج بنت تاجر أصلي ينبغي أن يكون كفئا لكن ما تقدم من أن الصنعة وإن أمكن تركها يبقى عارها يخالفه كما لا يخفى. وقد أشار المصنف باقتصاره على الأمور الستة إلى أنه لا يعتبر غيرها فلا عبرة بالجمال كما في الخانية، ولا يعتبر فيها العقل فالمجنون كف ء للعاقلة وفيه
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست