البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٣٠
التبيين: ولو كانت المرأة معتكفة في المسجد فطلقت لها أن ترجع إلى بيتها وتبني على اعتكافها ا ه‍. وينبغي أن يكون مفسدا على ما اختاره القاضي لأنه لا يغلب وقوعه، وأراد بالخروج انفصال قدميه احترازا عما إذا خرج رأسه إلى داره فإنه لا يفسد اعتكافه لأنه ليس بخروج، إلا ترى أنه لو حلف أنه لا يخرج من الدار ففعل ذلك لا يحنث. كذا في البدائع. وقد علمت أن الفساد لا يتصور إلا في الواجب وإذا فسد وجب عليه القضاء بالصوم عند القدرة جبرا لما فاته إلا في الردة خاصة غير أن المنذور به إن كان اعتكاف شهر بعينه يقضي قدر ما فسد لا غير، ولا يلزمه الاستقبال كالصوم المنذور بشهر بعينه إذا أفطر يوما وجب قضاؤه ولا يلزمه الاستقبال كما في صوم رمضان، وإن كان اعتكاف شهر بغير عينه يلزمه الاستقبال لأنه لزمه متتابعا فيراعي فيه صفة التتابع، وسواء فسد بصنعه بغير عذر كالخروج والجماع والأكل والشرب في النهار إلا الردة. أو فسد بصنعه لعذر كما إذا مرض فاحتاج إلى الخروج فخرج أو بغير صنعه رأسا كالحيض والجنون والاغماء الطويل. والقياس في الجنون الطويل أن يسقط القضاء كما في صوم رمضان إلا أن في الاستحسان يقضي لأنه لا حرج في قضاء الاعتكاف. كذا في البدائع. وبهذا علم أن مفسداته عى ثلاثة أقسام، ولا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال ولا سكر في الليل.
قوله: (وأكله وشربه ونومه ومبايعته فيه) يعني يفعل المعتكف هذه الأشياء في المسجد، فإن خرج لأجلها بطل اعتكافه لأنه لا ضرورة إلى الخروج حيث جازت فيه. وفي الفتاوي الظهيرية: وقيل يخرج بعد الغروب للاكل والشرب ا ه‍. وينبغي حمله على ما إذا لم يجد من يأتي له به فحينئذ يكون من الحوائج الضرورة كالبول والغائط. وأراد بالمبايعة البيع والشراء وهو الايجاب والقبول، وأشار بالمبايعة إلى كل عقد احتاج إليه فله أن يتزوج ويراجع كما في البدائع. وأطلق المبايعة فشملت ما إذا كانت للتجارة، وقيده في الذخيرة بما لا بد له منه كالطعام، أما إذا أراد أن يتخذ ذلك متجرا فإنه مكروه وإن لم يحضر السلعة واختاره قاضيخان في فتاواه ورجحه الشارح لأنه منقطع إلى الله تعالى فلا ينبغي له أن يشتغل بأمور الدنيا. وقيد بالمعتكف لأن غيره يكره له البيع مطلقا لنهيه عليه السلام عن البيع والشراء في المسجد، وكذا كره فيه التعليم والكتابة والخياطة بأجر. وكل شئ يكره فيه كره في سطحه. واستثنى البزازي من كراهة التعليم بأجر فيه أن يكون لضرورة الحراسة ويكره لغيره النوم فيه. وقيل:
إذا كان غريبا فلا بأس أن ينام فيه. كذا في فتح القدير. والأكل والشرب كالنوم. وفي البدائع: وإن غسل المعتكف رأسه في المسجد فلا بأس به إذا لم يلوث بالماء المستعمل، فإن كان بحيث يتلوث المسجد يمنع منه لأن تنظيف المسجد واجب، ولو توضأ في المسجد في
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست