البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٣٣
الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) * (آل عمران: 41) وقال في آية أخرى * (قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) * (مريم: 10) والقصة واحدة. والرمز الإشارة باليد أو بالرأس أو بغيرهما وهذا عند نيتهما أو عدم النية، أما لو نوى في الأيام النهار خاصة صحت نيته لأنه نوى حقيقة كلامه بخلاف ما إذا نوى بالأيام الليالي خاصة حيث لم تعمل نيته، ولزمه الليالي والنهار لأنه نوى ما لا يحتمله كلامه. كذا في البدائع كما إذا أنذر أن يعتكف شهرا ونوى النهار خاصة أو الليل خاصة لا تصح نيته لأن الشهر اسم لعدد مقدر مشتمل على الأيام والليالي فلا يحتمل ما دونه إلا أن يصرح ويقول شهرا بالنهار لزمه كما قال، أو يستثني ويقول إلا الليالي لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فكأنه قال ثلاثين نهارا. ولو نذر ثلاثين ليلة ونوي الليالي خاصة صح لأنه نوى الحقيقة. ولا يلزمه شئ لأن الليالي ليست محلا للصوم.
كذا الكافي. وكذا في لو نذر أن يعتكف شهرا واستثنى الأيام لا يجب عليه شئ لأن الباقي الليالي المجردة، ولا يصح فيها لمنافاتها شرطه وهو الصوم. كذا في فتح القدير. قيدنا كونه نذر بلسانه لأن مجرد نية القلب لا يلزمه بها شئ.
قوله: (وليلتان بنذر يومين) يعني لزمه اعتكاف ليلتين مع يوميهما إذا نذر اعتكاف يومين لأن المثنى كالجمع. فحاصله أنه إما أن يأتي بلفظ المفرد أو المثنى أو المجموع، وكل منهما إما أن يكون اليوم أو الليل فهي ستة، وكل منها إما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو ينويهما أو لم تكن له نية فهي أربعة وعشرون، وقد تقدم حكم المجموع والمثنى بأقسامهما، بقي حكم المفرد فإن قال لله علي أن أعتكف يوما لزمه فقط، سواء نواه فقط أو لم تكن له نية، ولا يدخل ليلته ويدخل المسجد قبل الفجر ويخرج بعد الغروب، فإن نوى الليلة معه لزماه، ولو نذر اعتكاف ليلة لم يصح، سواء كان نواها فقط أو لم تكن له نية، فإن نوى اليوم معها لم يصح كما قدمناه عن الظهيرية. وفي فتاوي قاضيخان: لو نذر اعتكاف ليلة ونوى
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»
الفهرست