البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٣٢
النار الحطب. صرح به فتح القدير قبيل باب الوتر لكن قال الأسبيجابي: ولا بأس أن يتحدث بما لا إثم فيه. وقال في الهداية: لكنه يتجانب ما يكون مأثما. والظاهر ما ذكرناه كما لا يخفي قالوا: ويلازم قراءة القرآن والحديث والعلم والتدريس وسير النبي صلى الله عليه وسلم وقصص الأنبياء وحكايات الصالحين وكتابة أمور الدين.
قوله: (ويحرم الوطئ ودواعيه) لقوله تعالى * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * (البقرة: 187) لأن المباشرة تصدق على الوطئ ودواعيه فيفيد تحريم كل فرد من أفراد المباشرة جماع أو غيره لأنه في سياق النهي فيفيد العموم. والمراد بدواعيه المسن والقبلة وهو كالحج والاستبراء والظهار لما حرم الوطئ لها حرم دواعيه لأن حرمة الوطئ ثبتت بصريح النية فقويت فتعدت إلى الدواعي. أما في الحج فلقوله تعالى * (فلا رفث) * (البقرة:
197) وأما في الاستبراء فللحديث لا تنكح الحيالى حتى يضعن ولا الحالي حتى يستبرئن بحيضة. وأما في الظهار فلقوله تعالى * (من قبل أن يتماسا) * (المجادلة: 3) بخلاف الحيض والصوم حيث لا تحرم الدواعي فيهما لأن حرمة الوطئ لم تثبت بصريح النهي. ولكثرة الوقوع فلو حرم الدواعي لزم الحرج وهو مدفوع، ولان النص في الحيض معلول بعلة الأذى وهو لا يوجد في الدواعي. قوله: (ويبطل بوطئه) لأنه محذور بالنص فكان مفسدا له. أطلقه فشمل ما إذا كان عامدا أو ناسيا نهارا أو ليلا أنزل أو لا بخلاف الصوم إذا كان ناسيا.
والفرق أن حالة المعتكف مذكرة كحالة الاحرام والصلاة وحالة الصائم غير مذكرة، وقيد بالوطئ لأن الجماع فيما دون الفرج أو التقبيل، أو اللمس لا يفسد إلا إذا أنزل وأن أمنى بالتفكر أو النظر لا يفسد اعتكافه، وإن أكل أو شرب ليلا لم يفسد اعتكافه، وإن أكل نهارا فإن عامدا فسد لفساد الصوم، وإن ناسيا لا لبقاء الصوم، والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو ما منع عنه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم لا يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج، وما كان من محضورات الصوم وهو مانع عنه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالأكل والشرب. كذا في البدائع قوله: (ولزمه الليالي بنذر اعتكاف أيام) كقوله بلسانه لله علي أن أعتكف ثلاثة أيام أو ثلاثين يوما لأن ذكر الأيام على سبيل الجمع يتناول ما بإزائها من الليالي. يقال ما رأيتك منذ أيام والمراد بلياليها.
وأشار إلى أنه يلزمه الأيام بنذر اعتكاف الليالي لأن ذكر أحد العددين على طريق الجمع ينتظم ما بإزائه من العدد الآخر لقصة زكريا عليه السلام فإنه قال الله تعالى * (قال آيتك لا تكلم
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 ... » »»
الفهرست