شهرا بغير صوم فعليه أن يعتكف ويصوم وقد علم من كون الصوم شرطا أنه يراعي وجوده لا إيجاده للمشروط له قصدا فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه وأجزأه صوم رمضان عن صوم الاعتكاف، وإن لم يعتكف قضى شهرا بصوم مقصود لعود شرطه إلى الكمال، ولا يجوز اعتكافه في رمضان آخر ويجوز في قضاء رمضان الأول والمسألة معروفة في الأصول في بحث الامر.
قوله: (وأقله نفلا ساعة) لقول محمد في الأصل: إذا دخل المسجد بنية الاعتكاف فهو معتكف ما أقام تارك له إذا خرج فكان ظاهر الرواية، واستنبط المشايخ منه أن الصوم ليس من شرطه على ظاهر الرواية لأن مبني النفل على المسامحة حتى جازت صلاته قاعدا أو راكبا مع قدرته على الركوب والنزول. ونظر فيه المحقق في فتح القدير بأنه لا يمتنع عند العقل القول بصحة اعتكاف ساعة مع اشتراط الصوم له وإن كان الصوم لا يكون أقل من يوم.
وحاصله أن من أراد أن يعتكف فليصم، سواء كان يريد اعتكاف يوم أو دونه، ولا مانع من اعتبار شرط يكون أطول من مشروطه ومن ادعاه فهو بلا دليل، فهذا الاستنباط غير صحيح بلا موجب فالاعتكاف لا يقدر شرعا بكمية لا تصح دونها كالصوم بل كل جزء منه لا يفتقر في كونه عبادة إلى الجزء الآخر ولم يستلزم تقدير شرطه تقديره ا ه. ولا يخفى أن ما ادعاه أمر عقلي مسلم، وبهذا لا يندفع ما صرح به المشايخ الثقات من أن ظاهر الرواية أن الصوم ليس من شرطه، وممن صرح به صاحب المبسوط وشرح الطحاوي وفتاوي قاضيخان والذخيرة والفتاوي الظهيرية والكافي للمصنف والبدائع والنهاية وغاية البيان والتبيين