البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٢٣
صفته فالسنية كما ذكره على كلام فيه يأتي، وأما سببه فالنذر إن كان واجبا والنشاط الداعي إلى طلب الثواب إن كان تطوعا، وأما حكمه فسقوط الواجب ونيل الثواب إن كان واجبا، والثاني فقط إن كان نفلا وسيأتي ما يفسده ويكره فيه ويحرم ويندب ومحاسنه كثيرة لأن فيه تفريغ القلب عن أمور الدنيا وتسليم النفس إلى المولى والتحصن بحصن حصين وملازمة بيت رب كريم فهو كمن احتاج إلى عظيم فلازمه حتى قضي مآربه فهو يلازم بيت ربه ليغفر له.
كذا في الكافي. وفي الاختيار: وهو من أشرف الأعمال إذا كان عن إخلاص.
قوله: (سن لبث في مسجد بصوم ونية) أي ونية اللبث الذي هو الاعتكاف. وقد أشار المصنف إلى صفته وركنه وشرائطه. أما الأول فهو السنية وهكذا في كثير من الكتب، وفي القدوري الاعتكاف مستحب، وصحح في الهداية أنه سنة مؤكدة، وذكر الشارح أن الحق انقسامه إلى ثلاثة أقسام: واجب وهو المنذور، وسنة وهو في العشر الأخير من رمضان، ومستحب وهو في غيره من الأزمنة. وتبعه المحقق في فتح القدير، والأظهر أنه سنة في الأصل كما اقتصر عليه في المتن تبعا لما صرح به في البدائع وهي مؤكدة وغير مؤكدة. وأطلق عليها الاستحباب لأنها بمعناه، وأما الواجب فهو بعارض النذر. وفي البدائع إنه يجب بالشروع أيضا، ولا يخفي أنه مفرع على ضعيف وهو اشتراط زمن للتطوع، وأما على المذهب من أن أقل النفل ساعة فلا، والدليل على تأكده في العشر الأخير مواظبته عليه السلام عليه فيه كما في الصحيحين ولهذا قال الزهري: عجبا للناس كيف تركوا الاعتكاف وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل الشئ ويتركه ولم يترك الاعتكاف منذ دخل المدينة إلى أن مات. فهذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الانكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية وإلا كانت دليل الوجوب. كذا في فتح القدير. ولا يخفى أن المواظبة قد اقترنت
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست