الصورة على الدراهم والدنانير هل تمنع الملائكة من دخول البيت بسببها، فذهب القاضي عياض إلى أنهم لا يمتنعون وأن الأحاديث مخصصة، وذهب النووي إلى القول بالعموم. ثم المراد بالملائكة المذكورين ملائكة الرحمة لا الحفظة لأنهم لا يفارقونه إلا في خلوته بأهله وعند الخلاء.
قوله (إلا أن تكون صغيرة) لأن الصغار جدا لا تعبد فليس لها حكم الوثن فلا تكره في البيت، والكراهة إنما كانت باعتبار شبه العبادة. كذا قالوا، وقد عرفت ما فيه. والمراد بالصغيرة التي لا تبدو للناظر على بعد والكبيرة التي تبدو للناظر على بعد. كذا في فتح القدير. ونقل في النهاية أنه كان على خاتم أبي موسى ذبابتان وأنه لما وجد خاتم دانيال عليه السلام في عهد عمر رضي الله عنه وجد عليه أسد ولبوة بينهما صبي يلحسانه، وذلك أن بختنصر قيل له يولد مولود يكون هلاكك على يديه فجعل يقتل من يولد، فلما ولدت أم دانيال ألقته في غيضة رجاء أن يسلم فقيض الله له أسدا يحفظه ولبوة ترضعه فنقشه بمرأى منه ليتذكر نعم الله عليه، ودفعه عمر إلى أبي موسى الأشعري وكان لابن عباس كانون محفوف بصور صغار اه. وفي الخلاصة من كتاب الكراهة: رجل صلى ومعه دراهم وفيها تماثيل ملك لا بأس به لصغرها اه. قوله (أو مقطوع الرأس) أي سواء كان من الأصل أو كان لها رأس ومحي، وسواء كان القطع بخيط خيط على جميع الرأس حتى لم يبق لها أثر أو يطليه بمغرة ونحوها أو بنحته أو بغسله. وإنما لم يكره لأنه لا تعبد بدون الرأس عادة ولما رواه أحمد عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال: أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا إلا كسره ولا قبرا إلا سواه ولا صورة إلا لطخها اه. وأما ما قطع الرأس عن الجسد بخيط مع بقاء الرأس على حاله فلا ينفي الكراهة لأن من الطيور ما هو مطوق فلا يتحقق القطع بذلك ولهذا فسر في الهداية المقطوع بمحو الرأس. كذا في النهاية. قيد بالرأس لأنه لا اعتبار بإزالة الحاجبين أو العينين لأنها تعبد بدونها، وكذا لا اعتبار بقطع اليدين أو الرجلين. وفي الخلاصة:
وكذا لو محى وجه الصورة فهو كقطع الرأس قوله (أو لغير ذي روح) لما تقدم أنه ليس بتمثال ولما في الصحيحين عن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها فقال له: ادن مني. فدنا ثم قال له: ادن مني. فدنا حتى وضع يده على رأسه وقال: أنبئك بمسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم (1) قال ابن عباس: فإن