بها بعد الفراغ من الصلاة، وبهذا التفصيل يحصل الجمع بين ما عن أبي حنيفة من أنه يدفنها في الصلاة وبين ما عنه أنه لو دفنها في المسجد فقد أساء ا ه.
قوله: (والصلاة إلى ظهر قاعد يتحدث) أي لا تكره. كذا في الجامع الصغير. وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة: يكره له أن يصلي وقبله نيام أو قوم يتحدثون لما أخرجه البزار عن ابن عباس مرفوعا: نهيت أن أصلي إلى النيام والمحدثين. وأجيب بأنه محمول في النائمين على ما إذا خاف ظهور صوت منهم يضحكه ويخجل النائم إذا انتبه، وفي المحدثين على ما إذا كان لهم أصوات يخاف منها التغليط أو شغل البال، ونحن نقول بالكراهة في هذا ثم يعارض الحديث المذكور في النائمين ويقدم عليه لقوته ما في الصحيحين عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت. وإنما قيد بقوله يتحدث ليفيد عدم الكراهة إلى ظهر من لا يتحدث بالأولى ولعله متفق عليه وقد كان يفعله ابن عمر إذا لم يجد سارية يقول لنافع: ول ظهرك.
وأفاد كلامهم هنا أنه لا كراهة على المتحدث ولهذا نقل الشارح عن الصحابة رضي الله عنهم أن بعضهم كانوا يقرؤون القرآن وبعضهم يتذاكرون العلم والمواعظ وبعضهم يصلون ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولو كان مكروها لنهاهم ا ه. وقيد بالظهر لأن الصلاة إلى وجه أحد مكروهة كما في الجامع الصغير. قال في المنية: والاستقبال إلى المصلي مكروه، سواء كان المصلي في الصف الأول أو في الصف الأخير ولهذا قال في الذخيرة: يكره للإمام أن يستقبل المصلي وإن كان بينهما صفوف، وهذا هو ظاهر المذهب ذكره في الفصل الرابع من كتاب الصلاة. والحاصل أن استقبال المصلي إلى وجه الانسان مكروه واستقبال الانسان وجه المصلي مكروه فالكراهة من الجانبين. قال العلامة الحلبي: وقد صرحوا بأنه لو صلى إلى وجه