البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦١
الريح في المسجد. وأشار المصنف إلى أنه لا يجوز ادخال النجاسة المسجد وهو مصرح به فلذا ذكر العلامة قاسم في بعض فتاويه أن قولهم إن الدهن المتنجس يجوز الاستصباح به مقيد بغير المساجد فإنه لا يجوز الاستصباح به في المسجد لما ذكرنا، ولهذا قال في التجنيس: وينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد. وقد قيل: دخول المسجد متنعلا من سوء الأدب وكان إبراهيم النخعي يكره خلع النعلين ويرى الصلاة معها أفضل لحديث خلع النعال. وعن علي رضي الله عنه أن كان له زوجان من نعل إذا توضأ انتعل بأحدهما إلى باب المسجد ثم يخلعه وينتعل بالآخر ويدخل المسجد إلى موضع صلاته ولهذا قالوا: إن الصلاة مع النعال والخفاف الطاهرة أقرب إلى حسن الأدب ا ه‍. وفي الخلاصة وغيرها: ويكره الوضوء والمضمضة في المسجد إلا أن يكون موضع فيه اتخذ للوضوء ولا يصلي فيه. زاد في التجنيس: لو سبقه الحدث وقت الخطبة يوم الجمعة فإن وجد الطريق انصرف وتوضأ وإن لم يمكنه الخروج يجلس ولا يتخطى رقاب الناس، فإن وجد ماء في المسجد وضع ثوبه بين يديه حتى يقع الماء عليه ويتوضأ بحيث لا ينجس المسجد ويستعمل الماء على التقدير، ثم بعد خروجه من المسجد يغسل ثوبه وهذا حسن جدا. ويكره مسح الرجل من الطين والردغة بإسطوانة المسجد أو بحائط من حيطان المسجد لأن حكمه حكم المسجد، وإن مسح ببردي المسجد أو بقطعة حصير ملقاة فيه لا بأس به لأن حكمه ليس حكم المسجد ولا له حرمة المسجد وهكذا قالوا: إن الأولى أن لا يفعل. وإن مسح بتراب في المسجد فإن كان مجموعا لا بأس به، وإن كان التراب منبسطا يكره هو المختار وإليه ذهب أبو القاسم الصفار لأن له حكم الأرض فكان من المسجد. وإن مسح بخشبة موضوعة في المسجد فلا بأس به لأنه ليس لهذه الخشبة حكم المسجد فلا يكون لها حرمة المسجد، وكذا إذا مسح بحشيش مجتمع أو حصير مخرق لا بأس به لأنه لا حرمة له إنما الحرمة للمسجد ا ه‍. ولكون المسجد يصان عن القاذورات ولو كانت طاهرة يكره البصاق فيه ولا يلقى لا فوق البواري ولا تحتها للحديث المعروف إن المسجد لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلد من النار ويأخذ النخامة بكمه أو بشئ من ثيابه، فإن اضطر إلى ذلك كان البصاق فوق البواري خيرا من البصاق تحتها لأن البواري ليست من المسجد حقيقة ولها حكم المسجد، فإذا ابتلي ببليتين يختار أهونهما، فإن لم يكن فيها بوار يدفنها في التراب ولا يدعها على وجه الأرض وقالوا: إذا نزح الماء النجس من البئر كره له أن يبل به الطين فيطين به المسجد على قول من اعتبر نجاسة الطين. وفي الظهيرية
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست