البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٣
وعن أبي حنيفة أنه يكره السدل على القميص وعلى الإزار وقال: لأنه صنيع أهل الكتاب. فإن كان السدل بدون السراويل فكراهته لاحتمال كشف العورة عند الركوع، وإن كان مع الإزار فكراهته لأجل التشبه بأهل الكتاب فهو مكروه مطلقا، سواء كان للخيلاء أو لغيره للنهي من غير فصل اه‍. وفي فتح القدير أن السدل يصدق على أن يكون المنديل مرسلا من كتفيه كما يعتاده كثير فينبغي لمن على عنقه منديل أن يضعه عند الصلاة، ويصدق أيضا على لبس القباء من غير إدخال اليدين في كميه وقد صرح بالكراهة فيه اه‍. وكذا صرح في النهاية بإدخال القباء المذكور في السدل وعزاه إلى مبسوط شيخ الاسلام والخلاصة لكن الذي في خلاصة الفتاوى: المصلي إذا كان لابسا شقة أو فرجيه ولم يدخل يديه اختلف المتأخرون في الكراهة والمختار أنه لا يكره اه‍. وظاهر ما في فتح القدير أن الشد الذي يعتاد وضعه على الكتفين إذا أرسل طرفا على صدره وطرفا على ظهره لا يخرج عن الكراهية فإنه عين الوضع، وظاهر كلامهم يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون الثوب محفوظا من الوقوع أو لا، فعلى هذا يكره في الطيلسان الذي يجعل على الرأس، وقد صرح به في شرح الوقاية وصرح العلامة الحلبي بأن محل كراهة السدل عند عدم العذر، وأما عند العذر فلا كراهة وأنه إن كان للتكبر فهو مكروه مطلقا. واختلف المشايخ في كراهة السدل خارج الصلاة كما في الدراية وصحح في القنية من باب الكراهية أنه لا يكره. ومن المكروه اشتمال الصماء لما رواه أبو داود عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لاحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر به ولا يشتمل اشتمال اليهود (1) اه‍. واشتمال اليهود هو الصماء وهو إدارة الثوب على الجسد من غير إخراج اليد، سمي بها لعدم منفذ يخرج يده منها كالصخرة الصماء، وفسرها في المحيط بأن يجمع طرفي ثوبه ويخرجهما تحت إحدى يديه على أحد كتفيه اه‍. وقيده في البدائع بأن لا يكون عليه سراويل. وإنما كره لأنه لا يؤمن انكشاف العورة، ومحمد رحمه الله فصل بين الاضطباع ولبسة الصماء فقال: إنما تكره الصماء إذا لم يكن عليه إزار فإن كان عليه إزار فهو اضطباع لأن يدخل طرفي ثوبه تحت إحدى ضبعيه وهو مكروه لأنه لبس أهل الكبر اه‍.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست