لأنه لو أخذ الصدقة وضاعت في يده بطلت عمالته ولا يعطى من بيت المال شيئا. كذا في الأجناس عن الزيادات. وما يأخذه العامل صدقة فلا تحل العمالة لهاشمي لشرفه كما سيأتي، وإنما حلت للغني مع حرمة الصدقة عليه لأنه فرغ نفسه لهذا العمل فيحتاج إلى الكفاية والغني لا يمنع من تناولها عند الحاجة كابن السبيل. كذا في البدائع. والتحقيق أن فيه شبها بالأجرة وشبها بالصدقة فللأول يحل للغني ولا يعطى لو هلك المال أو أرداها صاحب المال إلى الإمام، وللثاني لا يحل للهاشمي. ويسقط الواجب عن أرباب الأموال لو هلك المال في يده لأن يده كيد الإمام وهو نائب عن الفقراء ولا تكون مقدرة. وفي النهاية: رجل من بني هاشم استعمل على الصدقة فأجري له منها رزق فإنه لا ينبغي له أن يأخذ من ذلك، وإن عمل فيها ورزق من غيرها فلا بأس بذلك ا ه. وهو يفيد صحة توليته وأن أخذه منها مكروه لا حرام. ومن أحكام العامل ما ذكره في البزازية أن العامل إذا ترك الخراج على المزارع بدون علم السلطان يحل له لو مصرفا كالسلطان إذا ترك الخراج له قوله: (والمكاتب) أي يعان المكاتب في فك رقبته وهو المراد بقوله تعالى * (وفي الرقاب) * (البقرة: 177) هو منقول عن الحسن البصري وغيره في تفسيره الطبري. وأطلقه فشمل ما إذا كان مولاه فقيرا أو غنيا. وهل ما يدفع للمكاتب منها يكون ملكا له أو لا؟ فالذي في بعض التفاسير أنه لا يملك. قال القاضي البيضاوي: والعدول عن اللام إلى في للدلالة على أن الاستحقاق للجهة لا للرقاب. وقيل: للايذان بأنهم أحق بها ا ه. وقال الطيبي في حاشية الكشاف:
إنما عدل عن اللام إلى في في الأربعة الأخيرة لأن الأربعة الأولى ملاك لما عسى أن يدفع إليهم. والأربعة الأخيرة لا يملكون ما يدفع إليهم إنما يصرف المال في مصالح تتعلق بهم لأن التعدية بفي مقدر بالصرف، فمال الرقاب يملكه السادة والمكاتبون لا يحصل في أيديهم شئ، والغارمون بصرف نصيبهم لأرباب الديون، وكذلك في سبيل الله تعالى وابن السبيل مندرج في سبيل الله، وأفرد بالذكر تنبيها على خصوصية وهو مجرد عن الحرفين جميعا أي اللام وفي وعطفه على اللام ممكن وفي أقرب ا ه. فقد صرح بأن الأربعة الأخيرة لا يملكون شيئا، ويستفاد منه أنهم ليس لهم صرف المال في غير الجهة التي أخذوا لأجلها.
وفي البدائع: وإنما جاز دفع الزكاة إلى المكاتب لأن الدفع إليه تمليك وهو ظاهر في أن الملك يقع للمكاتب فبقية الأربعة بالطريقة الأولى لكن بقي هل لهم على هذا الصرف إلى غير الجهة.