البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١٧
في فرض فكبر ينوي الاقتداء أو النفل أو الواجب أو شرع في جنازة فجئ بأخرى فكبر ينويهما أو الثانية يصير مستأنفا على الثانية فقط بخلاف ما إذا لم ينو شيئا، ولو كان مقتديا فكبر للانفراد يفسد ما أدى قبله ويصير مفتتحا ما أداه ثانيا. وقوله لا الظهر يعني لو صلى ركعة من الظهر فكبر ينوي الاستئناف للظهر بعينها فلا يفسد ما أداه فيحتسب بتلك الركعة حتى لو لم يقعد فيما بقي القعدة الأخيرة باعتبارها فسدت الصلاة فلغت النية الثانية، وتفرع عليه ما ذكره الولوالجي إذا صلى الظهر أربعا فلما سلم تذكر أنه ترك سجدة منها ساهيا ثم قام واستقبل الصلاة وصلى أربعا وسلم وذهب فسد ظهره لأن نية دخوله في الظهر ثانيا وقع لغوا، فإذا صلى ركعة فقد خلط المكتوبة بالنافلة قبل الفراغ من المكتوبة اه‍. ومعلوم أن هذا إذا لم يتلفظ بلسانه، فإن قال نويت أن أصلي إلى آخره فسدت الأولى وصار مستأنفا للمنوي ثانيا مطلقا لأن الكلام مفسد. وقيد بالصلاة لأنه لو صام قضاء رمضان وأمسك بعد الفجر ثم نوى بعده نفلا لم يخرج عنه بنية النفل لأن الفرض والنفل في الصلاة جنسان مختلفان لا رجحان لأحدهما على الآخر في التحريمة وهما في الصوم والزكاة جنس واحد. كذا في المحيط.
قوله: (وقراءته من مصحف) أي يفسدها عند أبي حنيفة. وقالا: هي تامة لأنها عبادة انضافت إلى عبادة إلا أنه يكره لأنه تشبه بصنيع أهل الكتاب. ولأبي حنيفة وجهان: أحدهما أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير. الثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما إذا تلقن من غيره. وعلى هذا الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده، وعلى الأول يفترقان. وصحح المصنف في الكافي الثاني وقال: إنها تفسد بكل حال تبعا لما صححه شمس وعلى الأئمة السرخسي. وربما يستدل لأبي حنيفة كما ذكره العلامة الحلبي بما أخرجه ابن أبي داود عن ابن عباس قال: نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس في المصحف فإن الأصل كون النهي يقتضي الفساد، وأراد بالمصحف المكتوب فيه شئ من القرآن فإن الصحيح أنه لو قرأ من
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست