البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١٨
المحراب فسدت كما هو مقتضى الوجه الثاني كما صرحوا به. وأطلقه فشمل القليل والكثير وما إذا لم يكن حافظا أو حافظا للقرآن وهو إطلاق الجامع الصغير، وذهب بعضهم إلى أنه إنما تفسد إذا قرأ آية وبعضهم إذا قرأ الفاتحة. وقال الرازي: قول أبي حنيفة محمول على من لم يحفظ القرآن ولا يمكنه أن يقرأ إلا من مصحف، فأما الحافظ فلا تفسد صلاته في قولهم جميعا وتبعه على ذلك السرخسي في جامعة الصغير على ما في النهاية وأبو نصر الصفار على ما في الذخيرة معللا بأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقنه من المصحف، وجزم به في فتح القدير والنهاية والتبيين وهو أوجه كمالا يخفى. وفي الظهيرية: ثم لم يذكر في الكتاب أنه إذا لم يكن قادرا إلا على القراءة من المصحف فصلى بغير قراءة هل تجوز والأصح أنها لا تجوز ا ه‍. ويخالفه ما في النهاية نقلا عن مبسوط شيخ الاسلام وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل يقول في التعليل لأبي حنيفة أجمعنا على أن الرجل إذا كان يمكنه أن يقرأ من المصحف ولا يمكنه أن يقرأ على ظهر قلبه أنه لو صلى بغير قراءة أنه يجزئه، ولو كانت القراءة من المصحف جائزة لما أبيحت الصلاة بغير قراءة ولكن الظاهر أنهما لا يسلمان هذه المسألة وبه قال بعض المشايخ ا ه‍. والظاهر أن ما في الظهيرية متفرع على أن علة الفساد حمله والعمل الكثير فإذا لم يحفظ شيئا على ظهر قلبه يمكنه أن يقرأ من المصحف وهو موضوع فليس أميا لتجوز صلاته بغير قراءة، وما ذكره الإمام الفضلي متفرع على الصحيح من أن علة الفساد تلقنه ولو كان موضوعا فحينئذ لا قدرة له على القراءة فكان أميا، وبهذا ظهر أن تصحيح الظهيرية مفرع على الضعيف. وأطلق في المصلي فشمل الإمام والمنفرد، فما في الهداية من تقييده بالإمام اتفاقي كما في غاية البيان. ثم اعلم أن التشبيه بأهل الكتاب لا يكره في كل شئ فإنا نأكل ونشرب كما يفعلون، إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذموما وفيما يقصد به التشبيه. كذا ذكرهما قاضيخان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لا يكره عندهما.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست