المبسوط - السرخسي - ج ٢٩ - الصفحة ١٤٠
قوله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين فقد جعل للذكر حاله الاختلاط مثل نصيب الابنتين وأدنى الاختلاط أن يجمع ابن وبنت وللابن هنا الثلثان بالاتفاق فعرفنا ان حظ الأنثيين الثلثان ولما صار نصيب البنين معلوما بهذه الإشارة لم يذكر الله تعالى نصيب البنتين أيضا وذكر نصيب ما فوق البنتين بقوله عز وجل فان كن نساء فوق اثنتين والدليل على صحة ما قلنا سبب نزول الآية فان سعد بن الربيع رضي الله عنه لما استشهد يوم بدر وكان خلف بنتين وامرأة فاستولى الأخ علي ماله فجاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت إن سعدا قتل معك وخلف ابنتين وقد غلب عمهما على مالهما ولا يرغب في النساء الا بمال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله في ذلك شيئا ثم ظهر أثر الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سرى عنه قال النبي عليه السلام قفوا مال سعد فقد أنزل الله تعالى في ذلك ما ان بينه لي ببينته لكم وتلا عليهم قوله تعالى للرجال نصيب الآية ثم نزل قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخا سعد وأمره أن يعطى البنتين الثلثين وللمرأة الثمن وله ما بقي وفى الحديث المعروف ان أبا موسى الأشعري رضي الله عنه سئل عن فريضة فيها بنت وابنة ابن وأخ فجعل للابنة النصف وللأخ ما بقي فبلغ ذلك ابن مسعود رضي الله عنه فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخ فهذا دليل على استحقاق البنتين الثلثين بطريق الأولى لان حال البنتين أقوى من حالة الابنة وابنة الابن والدليل عليه أن حالة التثنية في معنى حالة الجمع لوجود الاجتماع وانضمام أحد الفردين إلى الآخر ولا معنى في الجمع سوى هذا ومن حيث الحكم الامام يتقدم على المثنى كما يتقدم على الجماعة واليه إشارة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله الاثنان فما فوقهما جماعة * وقيل في تأويل قوله تعالى فان كن نساء فوق اثنتين أي اثنتين فما فوقهما وكلمة فوق صلة فيه كما في قوله تعالى فاضربوا فوق الأعناق يعنى مع الأعناق مع انا قد سلمنا أن في هذا اللفظ بيان نصيب الثالث والتعليق بالشرط عندنا لا يوجب نفى الحكم عند عدم الشرط بل يجوز أن يثبت الحكم بدليل آخر وقد أثبتنا بإشارة النص أن للبنتين الثلثين كما قررنا فان اختلط الذكور بالإناث من الأولاد فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بالنص واستدلالا بميراث الاخوة فقد قال الله تعالى فإن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين والأولاد أقرب
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الوصية بأكثر من الثلث لوارث فيجيز ذلك بعض الورثة 2
2 باب الوصية في المال ينقص أو يزيد بعد موت الموصى 13
3 باب الرجل يموت وليس له وارث فيقر لوارث له أو لوصي بمال 18
4 كتاب العتق في المرض 22
5 باب عتق أحد العبدين 34
6 باب السلم في المرض 38
7 باب هبة أحد الزوجين لصاحبه 40
8 باب الرجل يهب العبد في مرضه فيجني على سيده أو غيره 48
9 باب السلم في المرض وبيع المكيل بمثله من المكيل ووزنه بمحاباة 54
10 باب الإقالة في السلم والبيع في المرض 55
11 باب السلم في المرض وله على الناس ديون 58
12 باب بيع المكيل بمثله من المكيل 59
13 باب العفو عن الجناية في المرض 60
14 باب قتل العبد الموهوب له والواهب أو غيره 62
15 باب العتق في المرض 71
16 باب السلم في المرض 78
17 باب السلم في المرض السلم اليه 83
18 باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعفو عنه 85
19 كتاب الدور 91
20 باب العفو والوصية 105
21 كتاب الفرائض 136
22 باب الأولاد 138
23 باب التشبيه في ميراث الأولاد 149
24 باب الاخوة والأخوات 151
25 باب العول 160
26 باب الجدات 165
27 باب فصل التشبيه في الجدات 172
28 باب أصحاب الميراث 174
29 باب فرائض الجد 179
30 باب الرد 192
31 باب ولد الملاعنة 198
32 باب أصول المقاسمة 200