كانت واحدة فلها النصف وثبت أن للذكر ضعف هذا وضعف النصف الجميع * وثبت ذلك استدلالا بآية الاخوة فان الله تعالى قال وهو يرثها إن لم يكن لها ولد أي يرثها جميع المال وإذا ثبت بالنص ان للأخ جميع المال ثبت للابن بدلالة النص لان الأخ ولد أبيها وولدها أقرب إليها من ولد أبيها والميراث ينبنى على الأقرب * قال الله تعالى مما ترك الوالدان والأقربون وزيادة القرب تدل على قوة الاستحقاق إلا أن الله تعالى لم ينص على جميع المال للبنين لان ذلك كان معروفا فيما بين العرب فقد كانوا في الجاهلية لا يورثون الا البنين ومنهم من كان لا يورث الا الكبار من البنين الذين يحملون السلاح ويورثون العشيرة فإنما بين ما لم يكن معلوما لهم فان اجتمع البنون فالمال بينهم بالسوية لاستوائهم في سبب الاستحقاق وللبنت الواحدة إذا انفردت النصف ثبت ذلك بالنص وهو قوله تعالى وان كانت واحدة فلها النصف واستدلالا أيضا بميراث الأخت فقد قال الله تعالى وله أخت فلها نصف ما ترك والبنت أقرب إليه من الأخت فان كن ثلاثا فصاعدا فلهن الثلثان بالنص وهو قوله تعالى فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فهذا تنصيص على أنه لا يزاد للبنات على الثلثين عند الانفراد وان كثرن فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان في قول عامة الصحابة رضوان الله عليهم وهو قول جمهور الفقهاء وكان ابن عباس يقول للبنين النصف ويستدل بظاهر الآية فان الله تعالى شرط في استحقاق البنات الثلثين أن يكن فوق اثنتين والمعلق بالشرط معدوم قبل الشرط وقد تجاذب البنين حالتان اما أن تعتبرهما بالثلاث أو بالواحدة واعتبارهما بالواحدة أولى لان في اعتبارهما بالثلاث ابطال شرط منصوص والقياس لابطال النص باطل وفى أول الآية ما يدل على أن للابنتين النصف لان الله تعالى قال للذكر مثل حظ الأنثيين ومن ترك ابنا وابنتين فللابن النصف وهذا إشارة إلى أن حظ الأنثيين النصف وفى قوله تعالى فلهن دليل أيضا على ذلك لان هذا للفظ الجمع والجمع المتفق عليه ثلاثة فأهل اللغة جعلوا الكلام على ثلاثة أوجه الفرد والتثنية والجمع فكان اتفاقا منهم على أن التثنية غير الجمع وللواحد عندهم أبنية مختلفة وكذلك للجمع وليس للتثنية الا بناء واحدا ومن حيث المعقول في المعنى يعارض الفردين فلا يظهر ترجيح أحد الجانبين وفى الثلاث تتعارض البنات مع الفرد فيترجح جانب الجمع على جانب الفرد وإذا ثبت أن اسم الجمع لا يتناول ما دون الثلاث فقد ظهر الحاق البنتين بالواحدة هذا بيان أصل ابن عباس رضي الله عنه في هذا وفى الاخوة في حكم الحجب وحجتنا في ذلك
(١٣٩)