ولو أوصى بعبده لرجل ثم أوصى بذلك العبد أن يعتق أو يدبر فهذا رجوع عن الوصية الأولى لان بين الوصيتين في محل واحد منافاة يعنى التمليك والعتق بعد موته فالاقدام على الثانية منه دليل الرجوع عن الأولى ولأنه صرفه بالوصية الثانية إلى حاجته واستثنى ولاء لنفسه ولو صرفه إلى حاجته في حياته كان به راجعا عن الوصية الأولى أرأيت لو لم يكن راجعا فأعتق الوصي نصفه عن الميت كان يضمن للموصى له النصف الباقي من تركة الميت أو يستسعى الغلام فيه أو يكون شريكا في الغلام هذا كله مستبعدا قال ولو أوصي بعبده لرجل ثم أوصى أن يباع من آخر بثمن سمى حط عنه الثلث ولا مال له غيره فللموصى له بالبيع أن يشترى خمسة أسداس العبد بثلثي قيمته ان شاء أو يدع لان الوصية بالمحاباة بمنزلة سائر الوصايا وقد استوت الوصيتان من حيث استغراق كل واحد منهما الثلث بينها نصفان لصاحب البيع نصفه وهو السدس وللاخر نصف الثلث وهو سدس الرقية ولا يقال ينبغي أن يباع جميع العبد من الموصى له بالبيع بخمسة أسداس قيمته لان الوصية بالرقبة وصية بالعين فلا يمكن تنفيذها من محل آخر بسوى العين وان أبى الموصى له بالبيع ان يشتريها كان للموصى له بالعين ثلث الرقبة لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع وقد بطلت الوصية بالبيع حين ردها الموصي له فيسلم الثلث للموصى من ذلك له بالرقبة ولو أوصى بعتقه ثم أوصي له أن يباع وعلى عكس هذا قال آخر بالاخر لان هاتين الوصيتين لا يجتمعان في محل واحد والثانية منهما دليل الرجوع عن الأولى فهو كالتصريح بالرجوع وإذا أوصى بعبده ان يباع ولم يزد على ذلك أو أوصي بان يباع بقيمته فهو باطل لأنه ليس في هذه الوصية معنى القربة فيجب تنفيذها بحق الموصى ولا حق فيها للعبد أيضا لان صفة المملوكية فيه لا تختلف بالبيع إنما يتغير النسبة من حيث أنه ينسب إلى المشترى بالملك بعد ما كان منسوبا إلى البائع ولا يمكن تنفيذها لحق الموصى له وهو المشترى لأنه مجهول جهالة نسبة ولو أوصي أن يباع نسيئة صحت الوصية بنسبة البيع للعتق بان يحسن العبد خدمة مولاه فيرغب في اعتاقه ولا يتمكن من ذلك لغلة ماله فيبيعه نسيئة ويحط من ثمنه ممن يعتقه ليحصل به ما هو مقصود وهو تخليص العبد عن ذل الرق وهو معنى قوله عليه السلام لبعض أصحابه فك الرقبة وأعتق النسمة الحديث في تنفيذ هذه الوصية حق الموصي وحق العبد فيجب تنفيذها لذلك ثم يباع كما أوصى ويحط من ثمنه مقدار الثلث إن لم يجد من يزيدهم على ذلك ولان معدن الوصية لثلث وفي تنفيذ هذه الوصية حق الموصى فيجب
(٨)