بسم الله الرحمن الرحيم * (كتاب الأشربة) * (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء إعلم ان الخمر حرام بالكتاب والسنة * أما الكتاب فقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر إلى أن قال فهل أنتم منتهون وسبب نزول هذه الآية سؤال عمر رضي الله عنه على ما روى أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر مهلكه للمال مذهبة للعقل فادع الله تعالى يبينها لنا فجعل يقول اللهم بين لنا بيانا شافيا فنزل قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قيل فيهما إثم كبير ومنافع للناس فامتنع منها بعض الناس وقال بعضهم نصيب من منافعها وندع المأثم فقال عمر رضي الله عنه اللهم زدنا في البيان فنزل قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فامتنع بعضهم وقالوا لا خير لنا فيما يمنعنا من الصلاة وقال بعضهم بل نصيب منها في غير وقت الصلاة فقال عمر اللهم زدنا في البيان فنزل قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية فقال عمر رضي الله عنه انتهينا ربنا والخمر هو النئ من ماء العنب المشتد بعد ما غلى وقذف بالزبد اتفق العلماء رحمهم الله على هذا ودل عليه قوله تعالى انى أراني أعصر خمرا أي عنبا يصير خمرا بعد العصر والميسر القمار والأنصاب ذبائحهم باسم آلهتهم في أعيادهم والأزلام القداح واحدها زلم كقولك قلم وأقلام وهذا شئ كانوا يعتادونه في الجاهلية إذا أراد أحدهم أمرا أخذ سهمين مكتوب على أحدهما أمرني ربى والآخر نهاني ربى فجعلهما في وعاء ثم أخرج أحدهما فان خرج الامر وجب عليه مباشرة ذلك الامر وان خرج النهى حرم عليه مباشرته وبين الله تعالى ان كل ذلك رجس والرجس ما هو محرم العين وانه من عمل الشيطان يعنى أن من لا ينتهى عنه متابع للشيطان مجانب لما فيه رضا الرحمن وفى قوله عز وجل فاجتنبوه أمر بالاجتناب منه وهو نص في التحريم ثم بين المعنى فيه بقوله عز وجل إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
(٢)