المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٤
حسنا والرزق الحسن شرعا ما هو حلال وحكم المعطوف والمعطوف عليه سواء ولأن هذه الأشربة كانت مباحة قبل نزول تحريم الخمر فيبقى ما سوى الخمر بعد نزول تحريم الخمر على ما كان من قبل (ألا ترى) أن في الآيات بيان حكم الخمر وما كان يكثر وجود الخمر فيهم بالمدينة فإنها كانت تحمل من الشام وإنما كان شرابهم من التمر وفى ذلك ورد الحديث نزل تحريم الخمر وما بالمدينة يومئذ منها شئ فلو كان تحريم سائر الأشربة مرادا بالآية لكان الأولى التنصيص على حرمة ما كان موجودا في أيديهم لان حاجتهم إلى معرفة ذلك * وحجتنا في ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الخمر من هاتين الشجرتين الكرم والنخل ولم يرد به بيان الاسم لغة لأنه ما بعث مبينا لذلك وبين أهل اللغة اتفاق أن الاسم حقيقة للتي من ماء العنب وواضع اللغة خص كل عين باسم هو حقيقة فيه وإن كان قد يسمى الغير به مجازا لما في الاشتراك من اتهام غفلة الواضع والضرورة الداعية إلى ذلك وذلك غير متوهم هنا فعرفنا أن المراد حكم الحرمة أن ما يكون من هاتين الشجرتين سواء في حكم الحرمة ولما سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن شرب المسكر لأجل الصفر قال إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم فاما قوله تعالى تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا فقد قيل كان هذا قبل نزول آية التحريم وقيل في الآية اضمار وهو مذكور على سبيل التوبيخ أي تتخذون منه سكرا وتدعون رزقا حسنا فان طبخ من العنب أدنى طبخه أو ذهب منه بالطبخ أقل من الثلثين ثم اشتد وغلا وقذف بالزبد فهو حرام عندنا وقال حماد بن أبي سليمان رحمه الله إذا طبخ حتى نضج حل شربه وكان بشر المريسي يقول إذا طبخ أدنى طبخه فلا بأس بشربه وكان أبو يوسف رحمه الله يقول أولا إذا طبخ حتى ذهب منه النصف فلا بأس بشربه ثم رجع فقال ما لم يذهب منه الثلثان بالطبخ لا يحل شربه إذا اشتد وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وعن محمد رحمه الله انه كره الثلث أيضا وعنه انه توقف فيه وعنه انه حرم ذلك كله إذا كان مسكرا وهو قول مالك والشافعي وطريق من توسع ففي هذه الأشربة ما ذكرنا أن قبل نزول التحريم كان الكل مباحا ثم نزل تحريم الخمر وما عرفنا هذه الحرمة الا بالنص فبقي سائر الأشربة بعد نزول تحريم الخمر على ما كان عليه قبل نزوله ومن أثبت التحريم في الكل قال نص التحريم بصفة الخمرية والخمر ما خامر العقل وكل ما يكون مسكرا فهو مخامر للعقل فيكون النص متناولا له ولكنا نقول الاسم للتي من ماء العنب حقيقة ولسائر الأشربة مجازا
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156