وعن ابن عمر رضي الله عنه انه سئل عن المسكر فقال الخمر ليس لها كنية وفيه دليل تحريم السكر فان مراده من هذا الجواب ان السكر في الحرمة كالخمر وإن كان اسمه غير اسم الخمر فكأنه أشار إلى قوله عليه الصلاة والسلام الخمر من هاتين الشجرتين قال وسئل عن الفضيخ قال مراده بذلك الفضوح والفضيخ الشراب المتخذ من التمر أي يشدخ ثم ينقع في الماء ليستخرج الماء حلاوته ثم يترك حتى يشتد وفيه دليل عن أن التي من شراب التمر إذا اشتد فهو حرام سكرا كان أو فضيخا فان السكر ما يسيل من التمر حين يكون رطبا وفى قوله بذلك الفضوح بيان انه يفضح شاربه في الدنيا والآخرة لارتكابه ما هو محرم قال وسئل عن النبيذ والزبيب يعتق شهرا أو عشرا قال الخمر أخبتها وفى رواية اجتنبها أي هي في الحرمة كالخمر فاجتنبها فظاهر هذا اللفظ دليل لما روى عن أبي يوسف قال لا يحل ماء الزبيب ما لم يطبخ حتى يذهب منه الثلثان فان قوله الخمر اجتنبها إشارة إلى ذلك أي الزبيب إذا أنقع في الماء عاد إلى ما كان عليه قبل أن يتزبب فكما أن لا يحل قبل أن يتزبب بالطبخ ما لم يذهب منه الثلثان فكذلك الزبيب بخلاف ماء التمر ولكن في ظاهر الرواية نبيذ التمر وماء التمر سواء إذا طبخ أدنى طبخه يحل شربه مشتدا بعد ذلك ما لم يسكر منه ومراد ابن عمر رضي الله عنه تشبيهه النئ منه بالخمر في حكم الحرمة وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن قال إنهم عن نبيذ السكر والمراد النئ من ماء التمر المشتد وقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عادة أهل اليمن في شرب ذلك فلهذا خصه بالأمر النهى عنه وسماه نبيذ الحمرة في لونه وعن حصين بن عبد الرحمن قال كأن لأبي عبيدة كرم بزبالة كان يبيعه عنبا وإذا أدرك العصير باعه عصيرا وفى هذا دليل على أنه لا بأس ببيع العصير والعنب مطلقا ما دام حلوا كما لا بأس ببيع العنب وأخذ أبو حنيفة رحمه الله بظاهره فقال لا بأس ببيع العصير والعنب ممن يتخذ خمرا وهو قول إبراهيم رحمه الله لأنه لا فساد في قصد البائع فان قصده التجارة بالتصرف فيما هو حلال لاكتساب الربح وإنما المحرم قصد المشترى اتخاذ الخمر منه وهو كبيع الجارية ممن لا يستبرئها أو يأتيها في غير المأتي وكبيع الغلام ممن يصنع به ما لا يحل وعن الضحاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين معناه فهو من الظالمين المجاوزين لحدود الله تعالى قال الله تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وفيه دليل انه لا يجوز أن يبلغ بالتعزير الحد الكامل لان
(٦)