والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وكان هذا إشارة إلى الاثم الذي بينه الله تعالى في الآية الأولى بقوله عز وجل وإثمهما أكبر من نفعهما وفى قوله فهل أنتم منتهون أبلغ ما يكون من الامر بالاجتناب عنه وقال تعالى قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم من أسماء الخمر قال القائل شربت الاثم حتى ضل عقلي * كذاك الاثم يذهب بالعقول وقيل هذا إشارة إلى قوله وإثمهما أكبر من نفعهما * والسنة ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعن الله من الخمر عشرا الحديث وذلك دليل نهاية التحريم وقال عليه الصلاة والسلام شارب الخمر كعابد الوثن وقال عليه الصلاة والسلام الخمر أم الخبائث وقال عليه الصلاة والسلام إذا وضع الرجل قدحا في خمر على يده لعنته ملائكة السماوات والأرض فان شربها لم تقبل صلاته أربعين ليلة وان داوم عليها فهو كعابد الوثن وكان جعفر الطيار رحمه الله يتحرز عن هذا في الجاهلية والإسلام يقول العاقل يتكلف ليزيد في عقله فانا لا أكتسب شيئا يزيل عقلي والأمة أجمعت على تحريمها وكفى بالاجماع حجة هذه حرمة قوية باتة حتى يكفر مستحلها ويفسق شاربها ويجب الحد بشرب القليل والكثير منها وهي نجسة نجاسة غليظة لا يعفى عن أكثر من قدر الدرهم منها ولا يجوز بيعها بين المسلمين لقوله عليه الصلاة والسلام ان الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها وبعض المعتزلة يفصلون بين القليل والكثير منها في حكم الحرمة ويقولون المحرم ما هو سبب لوقوع العدواة والبغضاء والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وذلك الكثير دون القليل وعند أهل السنة والجماعة القليل منها والكثير في الحرمة وجميع ما ذكرنا من الاحكام سواء لقوله عليه الصلاة والسلام حرمت الخمر لعينها قليها وكثيرها والمسكر من كل شراب ثم في تناول القليل منها معنى العداوة والصد عن ذكر الله تعالى فالقليل يدعو إلى الكثير على ما قيل ما من طعام وشراب الا ولذته في الابتداء تزيد على اللذة في الانتهاء الا الخمر فان اللذة لشاربها تزداد بالاستكثار منها ولهذا يزداد حرصه على شربها إذا أصاب منها شيئا فكان القليل منها داعيا إلى الكثير منها فيكون محرما كالكثير (ألا ترى) أن الربا لما حرم شرعا حرم دواعيه أيضا وان المشي على قصد المعصية معصية وأما السكر فهو النئ من ماء التمر المشتد وهو حرام عندنا وقال شريك بن عبد الله هو حلال لقوله تعالى ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا
(٣)