ولو تصادقا انه كان البيع بينهما هزلا لم يملك المشترى المبيع بالقبض فكذلك إذا كان البائع مكرها وكلامه في الاكراه بالقتل أوضح لان الفعل ينعدم في جانب المكره بالالجاء فيصير كان المكره باشر ذلك بنفسه فلا يملكه المشترى بالقبض وإن كان لو أجازه المالك طوعا صح * وحجتنا في ذلك أن بيع المكره فاسد والمشترى بالقبض بحكم البيع الفاسد يصير مالكا وبيان الوصف ان ما هو ركن العقد لم ينعدم بالاكراه وهو الايجاب والقبول في محله وإنما انعدم ما هو شرط الجواز وهو الرضى قال الله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وتأثير انعدام شرط الجواز في افساد العقد كما هو في الربا فان المساواة في أموال الربا شرط جواز العقد فإذا انعدمت المساواة كان العقد فاسدا وكان الملك ثابتا للمشترى بالقبض فهذا مثله بخلاف البيع بشرط الخيار فان شرط الخيار يجعل العقد في حق حكمه كالمتعلق بالشرط والمتعلق بالشرط معدوم قبل الشرط وهذا لان قوله على أنى بالخيار شرط ولكن لا يمكن ادخاله على أصل السبب لان البيع لا يحتمل التعليق بالشرط فيكون داخلا على حكم السبب لان الحكم يحتمل التأخر عن السبب وبهذا تبين أن البائع هناك غير راض بالسبب في الحال لأنه علقه بالشرط فلا يتم رضاه به قبل الشرط فكان أضعف من بيع المكره لان المكره راض بالسبب لدفع الشر عن نفسه غير راض بحكم السبب والخيار الثابت للمكره من طريق الحكم فيكون نظير خيار الرؤية وخيار العيب وذلك لا يمنع انعقاد السبب في الحكم مقيدا لحكمه فكذلك بيع المكره وكذلك الهازل فإنه غير راض بأصل البيع لان البيع اسم للجد الذي له في الشرع حكم والهزل ضد الجد فإذا تصادقا على أنهما لم يباشرا ما هو سبب الملك لا ينعقد البيع بينهما موجبا للملك وهنا المكره دعي إلى الجد وقد أجاب إلى ذلك لأنه لو أتى بغيره كان طائعا فكان بيع المكره أقوى من بيع الهازل من هذا الوجه وإنما ينعدم الفعل في جانب المكره إذا صار منسوبا إلى المكره وذلك يقتصر على ما يصلح أن يكون المكره فيه آلة المكره وفى البيع لا يصلح أن يكون هو آلة للمكره لان التكلم بلسان الغير لا يتحقق فيه المكره مباشرا للبيع فان قيل هو في التسليم يصلح أن يكون آلة للمكره فينتقل ذلك إلى المكره ويصير كأنه سلم بنفسه فلا يملكه المشترى * قلت هو في التسليم متمم للعقد فلا يصلح أن يكون آلة للمكره وإنما يصلح أن يكون آلة للمكره في تسليم ابتداء غصب وثبوت الملك في البيع الفاسد لا ينبني على ذلك وإنما ينبني على تسليم هو حكم العقد وذلك متصور على المكره
(٥٥)