المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٥٢
ما يرى الحاكم إذا رفع ذلك إليه فما رأى أنه اكراه أبطل الاقرار به لان ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس فالوجيه الذي يضع الحبس من جاهه تأثير الحبس والقيد يوما في حقه فوق تأثير حبس شهر في حق غيره فلهذا لم نقدر فيه بشئ وجعلناه موكولا إلى رأى القاضي ليبنى ذلك على حال من ابتلى به ولو أكرهوه على أن يقر لرجل بألف درهم فأقر له بخمسمائة كان باطلا لأنهم حين أكرهوه على ألف فقد أكرهوه على أقل منها فالخمسمائة بعض الألف ومن ضرورة امتناع صحة الاقرار بالألف إذا كان مكرها امتناع صحة اقراره بما هو دونه ولان هذا من عادات الظلمة أنهم يكرهون المرء على الاقرار وبدل الحط بألف ويقنعون منه ببعضه فبهذا الطريق جعل مكرها على ما دون الألف ولو أقر بألفين لزمه ألف درهم لأنه طائع في الاقرار في أحد الألفين وليس من عادات الظلمة أن يتحكموا على المرء بمال ومرادهم أكثر من ذلك وفرق أبو حنيفة بين هذا وبين ما إذا شهد أحد الشاهدين بألف والآخر بألفين فان هناك لا تقبل الشهادة على شئ وقال هناك لا يصح اقراره بقدر ألف وتصح الزيادة لان في الشهادة تعتبر الموافقة من الشاهدين لفظا ومعنى وقد انعدمت الموافقة لفظا فالألف غير الألفين وهنا المكره مضار متعنت فإنما يعتبر في حقه المعنى دون اللفظ وقد قصد الاضرار به بالزام الألف إياه باقراره فيرد عليه قصده ولا يلزمه الألف بما أقر به ويلزمه ما زاد عليه ولو أقر بألف دينار لزمته لان الدراهم والدنانير جنسان حقيقة فيكون هو طائعا في جميع ما أقر به من الجنس الآخر ولا يقال الدراهم والدنانير جعلا كجنس واحد في الاحكام لان هذا في الانشاءات فاما في الاخبارات فهما جنسان كما في الدعوى والشهادة فإنه إذا ادعى الدراهم وشهد له الشهود بالدنانير لا تقبل والاقرار اخبار هنا فالدراهم والدنانير فيه جنسان وكذلك أن أقر له بنصف غير ما أكرهوه عليه من المكيل أو الموزون فهو طائع متى أقر به ولو أكرهوه على أنه يقر له بألف فأقر له ولفلان الغائب بألف فالاقرار كله باطل في قول أبي حنيفة وأبى يوسف سواء أقر الغائب الشركة أو أنكرها وقال محمد أن صدقه الغائب فيما أقر به بطل الاقرار كله وان قال لي عليه نصف هذا المال ولا شركة بيني وبين هذا الذي أكرهوه على الاقرار له جاز الاقرار للغائب بنصف المال وأصل المسألة ما بيناه في الاقرار ان المريض إذا أقر لوارثه ولأجنبي بدين عند أبي حنيفة وأبى يوسف الاقرار باطل على كل حال لأنه أقر بأن المال مشترك بينهما ولا وجه لاثبات الشركة للوارث فيبطل الاقرار
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156