المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٥٧
يكون لغوا إذا كان الاكراه بغير حق بمنزلة تصرفات الصبي والمجنون ويستوى إن كان الاكراه بحبس أو قتل * وحجته في ذلك قوله تعالى لا اكراه في الدين والمراد نفى الحكم لما يكره عليه المرء في الدين قال عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فهذا يدل على أن ما يكره عليه يكون مرفوعا عنه حكمه واثمه وعينه الا بدليل والمعنى فيه أن هذا قول موجب للحرمة فالاكراه الباطل عليه يمنع حصول الفرقة كالردة وتأثيره ان انعقاد التصرفات شرعا بكلام يصدر عن قصد واختيار معتبر شرعا ولهذا لا ينعقد شئ من ذلك بكلام الصبي والمجنون والنائم وليس للمكره اختيار صحيح معتبر شرعا فيما تكلم به بل هو مكره عليه والاكراه يضاد الاختيار فوجب اعتبار هذه الاكراه في انعدام اختياره به لكونه اكراها بالباطل ولكنه معذورا في ذلك فإذا لم يبق له قصد معتبر شرعا التحق بالمجنون بخلاف العنين إذا أكرهه القاضي على الفرقة بعد مضى المدة أو المولى بعدها لان ذلك اكراه بحق لانعدام اختياره شرعا (ألا ترى) أن المديون إذا أكرهه القاضي على بيع ماله نفذ بيعه والذمي إذا أسلم عبده فاجبر على بيعه نفذ بيعه بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق قال وعلى هذا قلت وإذا أكره الحربي على الاسلام صح اسلامه ولو أكره المستأمن أو الذمي على الاسلام لا يصح اسلامه لأنه اكراه بالباطل ولا يدخل فيه السكران فإنه غير معذور شرعا فهو في المعنى كالمكره بحق فيكون قصده واختياره معتبرا شرعا ولهذا نفذ منه جميع التصرفات ولهذا صح اقراره بالطلاق هناك ولا يصح هنا اقراره بالطلاق بالاتفاق فكذلك انشاؤه وهذا بخلاف الهازل لأنه قاصدا إلى التكلم بالطلاق مختار له فان باب الهزل واسع فلما اختار عند الهزل التكلم بالطلاق من سائر الكلمات عرفنا انه مختار للفظ وإن لم يكن مريدا لحكمه فأما المكره فغير مختار في التكلم بالطلاق هنا لأنه لا يحصل له النجاة إذا تكلم بشئ آخر وهذا بخلاف ما إذا أكره على أن يجامع امرأة وهي أم امرأته فإنها تحرم عليه لأنا ادعينا هذا في الأقوال التي يكون ثبوتها شرعا بناء على اختيار صحيح فأما الأفعال فتحققها بوجودها حسا (ألا ترى) انه إذا تحقق ذلك من المجنون كان موجبا للفرقة أيضا فكذلك من المكره بخلاف ما نحن فيه ولان سبب الاكراه محافظة قدر الملك على المكره حتى قلتم في الاكراه على العتق المكره يضمن القيمة وكما تجب محافظة قدر ملكه عليه تجب محافظة عين ملكه عليه ولا طريق لذلك سوى أن يجعل الفعل عدما في جانب المكره ويجعل هو آلة
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156