المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٥٤
على التسليم والفرق أن المكره مضار متعنت والهبة لا توجب الملك بنفسها ما لم يتصل بها القبض فإذا كان الضرر الذي قصده المكره وهو إزالة ملكه لا يحصل الا بالقبض تعدى الاكراه إليه وإن لم ينص عليه فأما البيع فموجب الملك بنفسه والاضرار به يتحقق متى صح فلا يتعدى الاكراه عن البيع إلى شئ آخر وإذا سلم بعد ذلك بغير أمره كان طائعا في التسليم * يوضحه أن القبض في باب البيع يوجب ملك التصرف وذلك حكم آخر غير ما هو الموجب الأصلي بالبيع وهو ملك الغير فلا يتعدى الاكراه إليه بدون التنصيص عليه وأما القبض في باب الهبة فيوجب الملك الذي هو حكم الهبة وهو ملك الغير فلهذا كان الاكراه على الهبة اكراها على التسليم ثم بسبب الاكراه تفسد الهبة ولكن الهبة الفاسدة توجب الملك بعد القبض كالهبة الصحيحة بناء على أصلنا أن فساد السبب لا يمنع وقوع الملك بالقبض فإذا أعتقها أو دبرها أو استولدها فقد لاقى هذه التصرفات منه ملك نفسه فكانت نافذة وعليه ضمان قيمتها لان رد العين كان مستحقا عليه وقد تعذر بنفوذ تصرفه فيه فعليه قيمتها كالمشتراة شراء فاسدا وإذا شاء المكره في هذا كله رجع إلى الذين أكرهوه بقيمتها لأنهم أتلفوا عليه ملكه فان الاكراه بوعيد متلف يجعل المكره ملجأ وذلك يوجب كون المكره آلة للمكره ونسبة الفعل إليه فيما يصلح أن يكون آلة وهو في التسليم والاتلاف الحاصل به يصلح أن يكون آلة للمكره فإذا صار الاتلاف منسوبا إلى المكره كان ضامنا للقيمة فان ضمنهم القيمة رجعوا بها على الموهوب له لأنهم قاموا في الرجوع عليه مقام من صحبهم ولأنهم ملكوها بالصحبة ولو كانت قائمة من هذا الموهوب له كان لهم أن يأخذوها منه وإذا أتلفوها بالاعتاق كان لهم أن يضمنوه قيمتها * فان قيل لماذا لا تنفذ الهبة من جهتهم * قلنا لأنهم ما وهبوها له وإنما قصدوا الاضرار بالمكره لا التبرع من جهتهم بخلاف الغاصب إذا وهب المغصوب ثم ضمن القيمة فان هناك قصد تنفيذ الهبة من جهته فإذا ملكه بالضمان نفذت الهبة من جهته كما قصدها ولذلك لو أكرهوه على البيع والتسليم ففعل فأعتقه المشترى أو دبره أو كانت أمة فاستولدها نفذ ذلك كله عندنا وقال زفر لا ينفذ شئ من ذلك وأصل المسألة أن المشترى من المكره بالقبض يصير مالكا عندنا خلافا لزفر رحمه الله وحجته في ذلك أن بيع المكره دون البيع بشرط الخيار للبائع فالبائع هناك راض بأصل السبب والبيع هناك يتم بموت البائع وهنا لا يتم ثم هناك المشترى لا يملكه بالقبض فهنا أولى إذ بيع المكره كبيع الهازل
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156