بسبب المرض وكما لا يصح اقرار المريض بادين لوارثه فكذلك اقراره باستيفاء دينه من وارثه الا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله فإنه فرق بينهما فقال الوارث لما عامله في الصحة فقد استحق براءة ذمته عند اقراره باستيفاء الدين منه فلا يتغير ذلك الاستحقاق بمرضه (الا ترى) أنه لو كان دينه على أجنبي فأقر باستيفائه في مرضه كان صحيحا في حق غرماء الصحة وإن كان اقراره بالدين لا يصح في حق غرماء الصحة * وحجتنا في ذلك أن اقراره بالاستيفاء في الحاصل اقرار بالدين لان الديون يقضى بأمثالها فيجب للمديون على صاحب الدين عند القبض مثل ما كان له عليه ثم يصير قصاصا بدينه فكان هذا بمنزلة الاقرار بالدين للوارث ليس بصحيح فكذلك اقراره بالاستيفاء منه وهذا بخلاف اقراره بالاستيفاء من الأجنبي لان المنع هناك لحق غرماء الصحة وحق الغرماء عند المرض لا يتعلق بالدين إنما يتعلق بما يمكن استيفاء ديونه منه والدين ليس بمال على الحقيقة ولا يمكن استيفاء ديونه منه فاقراره بالاستيفاء لم يصادف محلا يتعلق حقهم به فاما حق الورثة يتعلق بالعين والدين جميعا لان الورثة خلافة والمنع من الاقرار للوارث إنما كان لحق الورثة واقراره بالاستيفاء في هذا كالاقرار بالدين لأنه يصادف محلا هو مشغول بحق الورثة وإذا أقر المريض لوارثه بدين فلم يمت المريض حتى صار الوارث غيره بأن كان أقر لأخيه فولد له ابن أو كان ابنه كافرا أو رقيقا فأسلم أو عتق وصار هو الوارث دون الأخ جاز اقراره له لان المانع من صحة الاقرار كونه وارثه والوراثة إنما تثبت عند المورث فإذا لم يكن من ورثته عند الموت كان هو والأجانب سواء (ألا ترى) انه لو تبرع عليه بهبة أو وصية جاز من ثلثه ولان الاقرار من المقر صحيح في حقه حتى إذا لم يكن له وارث سوى المقر له جاز الاقرار وكان هو مؤاخذا بما أقر به ما لم يمت لان بطلان اقراره بمرض الموت ولا يدرى أيموت في هذا المرض أو يبرأ فعرفنا أن اقراره للحال صحيح إنما يبطل عند موته باعتبار صفة الوارثة في المقر له فإذا لم يوجد نفى صحيحا وجعل خروج المقر له من أن يكون وارثا بمنزلة من لم يقر في مرضه وإن كان أقر له وهو غير وارث ثم صار وارثا يوم موته بان أقر لأخيه وله ابن ثم مات الابن قبله حتى صار الأخ وارثا بطل اقراره له عندنا وقال زفر رحمه الله اقراره له صحيح لان الاقرار موجب الحق بنفسه فإنما ينظر إلى حال الاقرار وقد حصل لمن ليس بوارث فلا يبطل بصيرورته وارثا بعد ذلك كما لو أقر له في صحته ثم مرض وكما لو أقر لأجنبية ثم تزوجها وبهذا فارق
(٣٢)