المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٨
وللشافعي رحمه الله قول ان ذلك مقبول الا في الحدود التي هي لله تعالى خالصا وأصل ذلك في الشهادة على الشهادة وسيأتيك بيانه في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى ولا يقبل كتاب قاضي رستاق ولا قرية ولا كتاب عاملها لان المعمول به كتاب القاضي والقاضي الرستاق متوسط وليس بقاضي فالمصر من شرائط القضاء في ظاهر الرواية لان القضاء من اعلام الدين كالجمع والأعياد فيكون مختصا بالمصر وذلك في بعض النوادر أن قاضي القرية إذا قضى بشئ بعقد تقليد مطلق فقضاؤه نافذ فعلى هذا إذا كان قاضي الرستاق بهذه الصفة يقبل كتابه وعلى هذا قالوا إذا خرج قاضي المصر إلى قرية وهي خارجة من فناء المصر فقضى هناك بالحجة لا ينفذ قضاؤه في ظاهر الرواية لانعدام شرط القضاء وهو المصر وعلى رواية النوادر ينفذ قضاؤه وكثير من المتأخرين رحمهم الله أخذوا بذلك قالوا أرأيت لو كانت الخصومة في ضيعة في بعض القرى فرأي القاضي الأحوط أن يحضر ذلك الموضع ليسمع الدعوى والشاهدة ويحكم عند الضيعة أما كان ينفذ حكمه بذلك ومن قال بهذا قال تأويل ما قال في الكتاب أنه لا حاجة إلى قبول كتاب القاضي الرستاق فإنه يتيسر احضار الخصم مع الشهود في مجلس القضاء في المصر ولكن هذا بعيد فقد ذكر بعده انه لا يقبل الا كتاب قاضي مدينة فيها منبر وجماعة أو كتاب الأمير الذي استعمل القاضي لا له بما كفل كتاب من تلك تنفيذ القضاء والأمير الذي استعمل القاضي لو نفذ القضاء بنفسه جاز ذلك منه وكيف لا يجوز وإنما ينفذ قضاء القاضي بأمره فكذلك قاضي المدينة ينفذ قضاؤه لو قضى بنفسه فيقبل كتابه بخلاف قاضي الرستاق ولا تجوز شهادة أهل الذمة على كتاب قاضي المسلمين لذمي على ذمي ولا على قضائه لأنهم يشهدون على فعل المسلم وشهادة أهل الذمة لا تكون حجة في اثبات فعل المسلم وهذا لان قبول شهادة بعضهم على بعض كان للحاجة والضرورة فقل ما يحضر المسلمون معاملاتهم خصوصا الا نكحة والوصايا وهذا لا يتحقق في قضاء قاضي المسلمين وكتابه وخاتمه لان الاشهاد على ذلك منه في مجلسه ومجلس قاضي المسلمين يحضره المسلمون دون أهل الذمة وإذا جاء بكتاب القاضي ان لفلان على كذا وكذا من الدين لم يجز حتى ينسبه إلى أبيه والى فخذه التي هو بها أو بنسبه إلى تجارة يعرف بها مشهورة وقد بينا قول أبي حنيفة رحمه الله في النسبة إلى التجارة لأنها لا تقوم مقام النسبة إلى الفخذ إلا أن يكون شيئا مشهورا لا يخفى على أحد وإن كان في تلك الفخذ أو إلى التجارة اثنان
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست