المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٠٣
معلوم وذلك صحيح لأنه يعمل لهم عملا معلوما وذلك العمل غير مستحق عليه ولا على القاضي فالقضاء يتم ببيان نصيب كل واحد من الشركاء والقسمة عمل بعد ذلك فلا بأس بالاستئجار عليه كالكتابة ولا ينبغي له أن يكره الناس على قسامة خاصة لان ذلك يلحق به تهمة المواضعة مع قسامه ولأنه إذا أكره الناس على ذلك يتحكم قسامه على الناس في الاجر وفيه ضرر عليهم وأيما قوم اصطلحوا على قسمة قاسم آخر جار بينهم بعد أن لا يكون فيهم صغير ولا غائب لان الحق لهم وهم قادرون على النظر لأنفسهم فاصطلاحهم على قاسم آخر من جملة النظر منهم لأنفسهم وإن كان فيهم صغير أو غائب فهم يحتاجون إلى رأى القاضي في ذلك لان الصغير والغائب عاجزان عن النظر لأنفسهما والقاضي ناظر لكل من عجز عن النظر لنفسه فان أمرهم بالقسمة وفيهم صغير أو غائب فاستأجروا قسما غير قاسمه بأرخص من ذلك بعد أن يكون عدلا يعرفه القاضي جاز ويأمره أن يقسم بينهم لأنه إن لم يفعل هذا وألزمهم استئجار قاسمه يحكم عليهم في الاجر ثم أجر القاسم على الصغير والكبير والذكر والأنثى وصاحب النصيب القليل والكثير سواء في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما الاجر عليهم على قدر الأنصباء وهذه مسألة كتاب القسمة وان اتخذ القاضي جماعة من القسامين فذلك حسن ولكن الأولى أن لا يشرك بينهم فإنه أجدر أن لا يتحكموا على الناس لأنه إذا أشرك بينهم تواضعوا على شئ فتحكموا على الناس ولأنه إذا لم يشرك بينهم يؤمن عليهم الميل إلى الرشوة لأنه ان فعل ذلك أحدهم أظهره عليه صاحبه وإذا أشرك بينهم بفوت هذا المقصود وان قاطعوا رجلا منهم على شئ بعينه لم يدخل بقسم معه في ذلك لأنه لا شركة بينهم وإذا شهد قاسمان على قسمة قسماها بين قوم بأمره بأن كل انسان قد استوفى نصيبه جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة وأبى يوسف الاخر رحمهما الله وفي قوله الأول لا تجوز شهادتهما وهو قول محمد رحمه الله لأنهما يشهدان على فعل أنفسهما ولأنهما في الحقيقة يدعيان ايفاء العمل الذي استؤجر عليه وأداء الأمانة في ذلك بايصال نصيب كل واحد منهم إليه والدعوى غير الشهادة وجه قولهما أنهما لا يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما شيئا لان الخصوم متفقون على أنهما قد وفيا العمل وان العقد انتهى بينهم وبينهما ثم لا يشهدان على عمل أنفسهما لان عملهما التمييز والمشهود به استيفاء كل انسان نصيبه وذلك فعل المستوفى ولو شهد قاسم واحد على القسمة لم يجز لان القاسم ليس بقاضي والقاضي هو المخصوص بأن يكتفى بقوله في الالزام فاما القاسم فيما يشهد به
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست