المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٤
وقال لا تستعينوا بهم في شئ وأبعدوهم وأذلوهم فاتخذ أبو موسى كاتبا غيره ولان ما يقوم به كاتب القاضي من أمر الدين وهم يخونون المسلمين في أمور الدين ليفسدوه عليهم (قال) الله تعالى لا تتخذوا بطانة الآية وان عمر رضي الله عنه أعتق عبدا له نصرانيا يدعي بحنس وقال لو كنت على ديننا لاستعنا بك في شئ من أمورنا ولان كاتب القاضي يعظم في الناس وقد نهينا عن تعظيمهم قال صلى الله عليه وسلم أذلوهم ولا تظلموهم ولا تتخذوا كاتبا مملوكا ولا محدودا في قذف ولا أحدا ممن لا تجوز شهادته لان الكاتب ينوب عن القاضي فيما هو من أهم أعماله فلا يختار لذلك الا من يصلح للقضاء وربما يحتاج القاضي إلى الاعتماد على شهادته في بعض الأمور أو يحتاج بعض الخصوم إلى شهادته فلا يختار الا من يصلح للشهادة ولا بأس بان يكلف القاضي الطالب صحيفة يكتب فيها حجته وشهادة شهوده لان منفعة ذلك له والذي يحق على القاضي مباشرة القضاء فاما الكتبة ليست عليه فلا يلزمه اتخاذ الصحائف لذلك من مال نفسه ولكن لو كان في بيت المال سعة فرأى أن يجعل ذلك من بيت المال فلا بأس بذلك لأنه يتصل بعمله وكفايته في مال بيت المال فما يتصل به لا بأس بأن يجعل في مال بيت المال وعلى هذا أجر كاتب القاضي فإنه إن جعل كفايته في بيت المال لكفاية القاضي ليحتسب في عمله فهو حسن وان رأى أن يجعل ذلك على الخصوم فلا بأس به لأنه يعمل لهم عملا لا يستحق على القاضي مباشرته وكذلك أجير قاسم القاضي وإذا هلك ذكر شهادة الشهود من ديوان القاضي فشهد عنده كاتبان له ان شهوده فلان وفلان وقد شهدوا عنده بكذا وكذا لم يقبل ذلك لأنهما ما أشهد الكاتبين على شهادتهما ولا يقبل شهادة الانسان على شهادة غيره وإذا لم يشهد على شهادته وينبغي للقاضي أن يكتب شهادة الشاهدين بمحضر المشهود عليه أو وكيله حتى لا يغير شيئا من موضعه لان الشهود ان زادوا شيئا أو حرفوه طعن فيه وخاصم ورفع ذلك إلى القاضي نائبه وكون الكاتب بمحضر منه أقرب إلى النظر له والى نفى التهمة عن القاضي وان كتبها بغير محضر منه لم يضره ذلك لأنه يكتب ما سمع وهو أمين في ذلك ما لم تظهر خيانته وينبغي للقاضي أن يعرض كتاب الشهادة بعد ما يكتبها على الشاهد حتى يعرف هل زاد شيئا أو حرفه عن موضعه لان حجة القضاء شهادة الشهود فيستقصى في الاحتياط فيه وذلك في العرض على الشاهد بعد ما يكتب ولهذا قيل إذا لم يكن ماهرا في العربية ينبغي له أن يكتب شهادة الشهود بلفظه ولا يحوله إلى لغة مخافة الزيادة والنقصان والله أعلم بالصواب
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست