قال صلى الله عليه وسلم إذا ظنت فلا تحقق فما لم يعلم منهم سواء أو يسمع منهم عند السؤال اختلافا مفسدا لشهادتهم لم يمنع من القضاء بالشهادة بمجرد الظن وإذا لم يطعن الخصم في الشاهد فلا ينبغي أن يسأل عنه في قول أبي حنيفة رحمه الله ولكنه يقضى بظاهر العدالة إلا أن يظعن الخصم وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يسأل عنهم وإن لم يطعن الخصم وقيل هذا اختلاف عصر وزمان فقد كان أبو حنيفة رحمه الله يفتى في القرن الثالث وقد شهد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق والخيرية بقوله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني الحديث وكانت الغلبة للعدول في ذلك الوقت فلهذا كان يكتفى بظاهر العدالة وهما أفتيا بعد ذلك في القرن الذي شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله بالكذب بقوله صلى الله عليه وسلم ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد وكانت الغلبة في ذلك الوقت لغير العدول فقال لابد للقاضي أن يسأل عن الشهود وحجتهما أن اشتراط العدالة في الشاهد للقضاء بشهادته ثابت بالنص قال الله تعالى اثنان ذوي عدل منكم وقيل السؤال عنهما صفة العدالة محتملة فيهما والشرط لا يثبت بما هو محتمل * توضيحه ان على القاضي أن يصون نفسه عن الفضاء بشهادة الفاسق فقد أمر بالتثبت في خبر الفاسق فإنما يسأل عن الشهود صيانة لقضائه فلا يتوقف على ذلك على طلب الخصم ولان كان ذلك لحق الخصم فليس لكل خصم يبصر حجته فربما يهاب الخصم الشهود فلا يجاهر بالطعن فيهم والقاضي مأمور بالنظر لكل من عجز عن النظر لنفسه (ألا ترى) انا في الحدود يسأل عن الشهود وإن لم يطعن الخصم لهذا المعنى فكذلك في الأموال وأبو حنيفة رحمه الله استدل بظاهر الحديث المسلمون عدول بعضهم على بعض فهذا من صاحب الشرع تعديل لكل مسلم فتعديل صاحب الشرع أقوى من تعديل المزكى ثم العدالة هي الاستقامة يقال للجادة طريق عدل وللبيان طريق عدل جائز وقد علم القاضي منهم الاستقامة واعتقد وذلك يحمله على الاستقامة في التعاطي فعليه أن يتمسك به ما لم بظهر خلافه فهذا دليل شرعي فوق خبر مزكى وإنما يعتمد هذا الدليل إذا لم يطعن الخصم فأما بعد طعنه يقع التعارض لان الخصم مسلم ودينه يمنعه من أن يجازف بالطعن فيهم فللتعارض وجب على القاضي أن يسأل حتى يظهر المرجح لاحد الجانبين بخبر المزكى فأما في الحدود يسأل وإن لم يطعن الخصم احتيالا للدرء وقد أمر بدرء الحدود لان الحدود ان وقع فيها غلط لا يمكن تداركه وبظاهر العدالة لا تنتفي الشبهة ففيما يندرئ بالشبهات لا يكتفي بذلك فأما المال مما يثبت مع
(٨٨)