المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤
فيها رزق أو علف فهي فاسدة الا في استئجار الظئر بطعامها وكسوتها وان أبا حنيفة رحمه الله قال أستحسن جواز ذلك وقد بيناه واشترط تطيين الدار ومرمتها أو غلق باب عليها أو ادخال جذع في سقفها على المستأجر مفسد للإجارة لأنه مجهول فقد شرط الاجر لنفسه على المستأجر وكذلك استئجار الأرض بأجر مسمى واشترط كرى نهرها أو ضرب مسناة عليها أو حفر بئر فيها أو أن يسرقها المستأجر فهذا كله مفسد للإجارة لان أثر هذه الاعمال تبقى بعد انتهاء مدة الإجارة ويسلم ذلك للأجر فيكون في معنى شرط أجرة مجهولة على المستأجر لنفسه وكذلك لو اشترط عليه رب الأرض أنه يكون له ما فيها من ذرع إذا انقضت الإجارة وان يردها عليه مكروبة فهذا كله مجهول ضمنه إلى المعلوم وشرطه لنفسه يفسد العقد به. رجل دفع أرضه إلى رجل يغرس فيها شجرا على أن تكون الأرض والشجر بين رب الأرض والغارس نصفين لم يجز ذلك لأنه يكون مشتريا نصف الغراس منه بنصف الأرض والغراس مجهول فلا يصح ذلك هكذا ذكره بعض مشايخنا رحمهم الله فاما الحاكم رحمه الله في المختصر يقول تأويل المسألة عندي أن جعل نصف الأرض عوضا عن جميع الغراس ونصف الخارج عوضا لعمله فعلى هذا الطريق يقول اشترى العامل نصف الأرض بجميع الغراس وهي مجهولة فكان العقد فاسدا فان فعل فالشجر لرب الأرض لأن العقد في الشجر كان فاسدا ومذرعته في أرضه بأمره فكأن صاحب الأرض فعل ذلك بنفسه فيصير قابضا للغراس باتصاله بأرضه مستهلكا بالعلوق فيجب عليه قيمة الشجر وأجر ما عمل لأنه ابتغى من عمله عوضا وهو نصف الخارج ولم ينل ذلك فكان عليه أجر مثله فان (قيل) كان ينبغي على قول أبي حنيفة رحمه الله أن يكون نصف الأرض للعامل لأنه اشترى نصف الأرض شراء فاسدا ومن اشترى نصف الأرض شراء فاسدا غرس فيها أشجارا فإنه ينقطع فيها حق البائع في الاسترداد عند أبي حنيفة رحمه الله (قلنا) هذا أنه لو غرس الأشجار لنفسه وهنا العامل في الغرس يقوم مقام رب الأرض ويعمل له بالأجر فكأن رب الأرض عمل ذلك بنفسه فلهذا لا يملك العامل شيئا من الأرض وإنما اختار هذا التأويل لامكان ايجاب أجر العمل فإنه لو جعل مشتريا نصف الغرس كان عاملا فيما هو شريك فيه فلا يستوجب الاجر فلذلك ألزمه قيمة الغرس حين علقت ولو كان مشتريا للنصف لكان يلزمه نصف قيمة الغرس حين علقت ونصف قيمة الشجر وقت الخصومة لأنها أشجار مشتركة بينهما في أرض أحدهما فإنما يتملك صاحب الأرض نصيب صاحبه عليه
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست