المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٨٣
بنكاح ظاهر له والاخر بنكاح باطن له ففي ذلك من القبح مالا يخفى والدين مصون عن مثل هذا القبح ولا يكون القاضي بقضائه ممكنا من الزنا ففيه من الفساد مالا يخفى وإذا كان يثبت له ولاية إنشاء التفريق بين المتلاعنين وبين امرأته لنفيها به عن الزنا ويثبت له ولاية تزويج الصغير والصغيرة لمعنى النظر لهما فلان يثبت له ولاية انعقاد العقد هنا لنفيها به عن الزنا ويصون قضاؤه به عن التمكين من الزنا أولى وكذلك يثبت له ولاية انشاء التفريق بين المتلاعنين لقطع المنازعة مع يقينه بكذب أحدهما كما قال صلى الله عليه وسلم الله يعلم أن أحدكما لكاذب فكذلك يثبت له ولاية الانشاء مع كذب الشهود لتوجه الامر بالقضاء عليه شرعا وأمر القبلة على هذا فإنه لما توجه عليه الامر بالصلاة إلى جهة القبلة وأتى بما في وسعه في طلب القبلة يثبت له ولاية نسب القبلة حتى أن الجهة التي أدى إليها اجتهاده تنتصب قبلة في حقه فتجوز صلاته إليها وان تبين له الخطاء بعد ذلك وبهذا يتبين فساد ما قالوا إن المدعى عالم بما لو علمه القاضي امتنع من القضاء ففي اللعان الكاذب منهما عالم بما لو علمه القاضي امتنع من التفريق ومع ذلك نفذ القضاء في حقه لتوجه الامر على القاضي وتوجه الامر بالانقياد واتباع أمر القاضي في حق الناس وهذا بخلاف ما إذا ظهر أن الشهود عبيد أو كفار أو محدودون في قذف فان هذه أسباب يمكن الوقوف عليها عند الاستقصاء ولكن ربما يلحقه الحرج في ذلك فللحرج تعذر بترك الاستقصاء ولكن لم يسقط الخطاب بإصابتها حقيقة فلا يتوجه الامر بالقضاء بدونها حقيقة فاما حقيقة الصدق فلا طريق إلى الوقوف عليه والامر بالقضاء يتوجه بدونه وهو بمنزلة ما لو توضأ بماء أو صلى في ثوب لم يتبين أنه كان نجسا فإنه يلزمه الإعادة لهذا المعنى أو هو بمنزلة ما لو قضى باجتهاده ثم ظهر نص بخلافه فاما الاملاك المرسلة فليس للقاضي هناك ولاية الانشاء لان تمليك المال من الغير بغير سبب ليس فيه ولاية القاضي ولا لصاحب المال أيضا وفي أسباب تمليك المال كثرة فلا يمكن تعيين شئ منها فعرفنا انه ليس له في ذلك الموضع إلا ولاية إظهار الملك فإذا لم يكن هناك ملك سابق فلا تصور لاظهاره بالقضاء والتكليف بحسب الوسع فبهذا تبين انه لم يكن مأمورا بالقضاء باطنا فاما هنا له ولاية الانشاء وطريقه متعين من الوجه الذي قلنا فباعتبار * يصير مأمورا بالقضاء بالنكاح بينهما حقيقة * يوضحه ان هناك القاضي لا يقول للمدعى ملكتك هذا المال وإنما يقصر يد المدعى عليه عن المال ويأمره بالتسليم إليه ليأخذه على أنه ملكه كما يدعيه وقضاؤه بهذا نافذ فأما هنا نقول قضيت
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست