المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٨٢
زوجاك فقد طلبت منه أن يعفها عن الزنا بل يعقد النكاح بينهما فلم يجبها إلى ذلك ولا يقال إنما يجبها إلى ذلك لان الزوج لم يرض بذلك لأنا نقول ليس كذلك بل الزوج راض لأنه يدعى النكاح والمرأة رضيت أيضا حيث قالت فزوجني منه وكان يتيسر عليه ذلك فقد كان الزوج راغبا فيها ثم لم يشتغل به وبين أن مقصودهما قد حصل بقضائه فقال شاهداك زوجاك أي الزماني القضاء بالنكاح بينكما فثبت النكاح بقضاء وما نقل عنه في هذا الباب كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا طريق إلى معرفة ذلك حقيقة بالرأي ويتبين بهذا ان ما استدلوا به من الآية والحديث في الاملاك المرسلة وبه يقول والمعنى فيه أنه قضى بأمر الله تعالى فيما له فيه ولاية الانشاء وقضاؤه بأمر الله تعالى يكون نافذا حقيقة لاستحالة القول بأن يأمر الله تعالى بالقضاء ثم لا ينفذ ذلك القضاء منه وبيان الوصف انه لما تفحص عن أحوال الشهود وزكوا عنده سرا وعلانية وجب عليه القضاء بشهادتهم حتى لو امتنع من ذلك يأثم ويخرج ويعزل ويعذر فعرفنا أنه صار مأمورا بالقضاء وهذا لأنه لا طريق له إلى معرفة حقيقة الصدق والكذب من الشهادة لان الله تعالى لم يجعل لنا طريقا إلى معرفة حقيقة الصدق من خبر من هو غير معصوم عن الكذب ولا يتوجه عليه شرعا لوقوف على مالا طريق له إلى معرفته لان التكليف بحسب الوسع والذي في وسعه التعرف عن أحوال الشهود فان استقصى ذلك غاية الاستقصاء فقد أتى بما في وسعه وصار مأمورا بالقضاء لان ما وراء هذا ساقط عنه باعتبار أنه ليس في وسعه ثم إنما يتوجه عليه الامر بحسب الامكان والمأمور به أن يجعلها بقضائه زوجته فلذلك طريقان إظهار نكاح إن كان وان شاء عقد بينهما فإذا لم يسبق منهما عقد تعذر إظهاره بالقضاء فيتعين الانشاء إذا ليس هنا طريق آخر فيثبت له ولاية الانشاء بهذا النوع من الدليل الشرعي ويجعل انشاءه كانشاء الخصمين فيثبت الحل به بينهما حقيقة بل قضاؤه أولي وأقوى من انشاء الخصمين عن اتفاق (ألا ترى) أن في المجتهدات صفة اللزوم يثبت بانشاء القاضي ولا يثبت بانشاء الخصمين فعرفنا ان قضاءه أقوى من انشاء الخصمين وشرط صحة الانشاء الشهادة والمحل القابل له ولا شك ان المحل شرط حتى إذا كانت المرأة منكوحة الغير أو محرمة عليه بسبب لا ينفذ قضاؤه لانعدام المحل فكذلك الشهادة شرطه إلا أن مجلس القضاء لا يخلو عن شاهدين فلهذا لم يذكر الشهادة فاما الولي ليس بشرط عندنا ولا حاجة إلى ذكر المهر ويجب هذا التحقيق حكمه بالغة وهو أن لا يجتمع رجلان على امرأة واحدة أحدهما
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست