المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٦٢
التاريخ فالذي لم توقت شهوده إنما أثبت شراءه في الحال وصاحبه أثبت الشراء من حين أرخت شهوده فهو أولى إلا أن تكون الدار في يد الآخر فهي لصاحب اليد حينئذ لان تمكن ذي اليد من القبض دليل سبق عقده وهذا دليل معاين وفي حق الاخر التاريخ مخبر به وليس الخبر كالمعاينة ولان حاجة الخارج إلى اثبات الاستحقاق على ذي اليد وليس في بينته ما يوجب ذلك وان أرخت شهوده لجواز أن يكون شراء ذي اليد سابقا فإن لم يوقتا فكل واحد منهما بالخيار ان شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وان شاء ترك لان استواء الحجتين الحكم هو القضاء بها بينهما نصفان فقد تفرقت الصفقة على كل واحد منهما وببعض الملك قبل البعض والتبعيض في الاملاك المجتمعة عيب فيخبر كل واحد منهما ان شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وان شاء ترك وكذلك لو كان أحدهما ابن البائع أو مكاتبة لأنه في حكم الشراء منه هو كأجنبي آخر فكذلك في دعوى الشراء عليه. دار في يد رجل فأقام رجل البينة انه اشتراها من ذي اليد وأقام ذو اليد البينة انه اشتراها من المدعي ولا يدرى أي ذلك أول فإنه يقضى بها لذي اليد وتبطل البينتان جميعا لان كل واحد منهما أثبت اقرار صاحبه بالملك له فكل مشترى مقر بالملك لبائعه وكل بائع مقر بوقوع الملك للمشتري فيجعل هذا بمنزلة إقامة كل واحد منهما البينة على اقرار صاحبه بالملك له وهنا تتهاتر البينتان كما لو سمعنا الاقرار منهما معا ولم يذكر في المسألة اختلافا هنا وقد ذكر في الجامع أن هذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهم الله فان عند محمد رحمه الله يقضى بالبينتين جميعا فيجعل كأن ذي اليد اشتراها أولا وقبضها ثم باعها فيؤمر بتسليمها إلى الخارج لان القضاء بالعقدين ممكن بهذا الطريق وقد بينا المسألة بفروعها في الجامع قال (ألا ترى) ان كل واحد منهما لو أقام البينة ان القاضي قضى له بهذه الدار على صاحبه انه يترك في يد ذي اليد وتتهاتر البينتان إلا أن محمدا رحمه الله يفرق بينهما فيقول في الشراء اثبات الترتيب بين العقدين ممكن باعتبار اليد لأني إن جعلت شراء ذي اليد سابق جاز بيعه بعد القبض وان جعلت شراء الخارج سابقا لم يجز بيعه من البائع قبل القبض ومثل هذا الترتيب في القضاء غير ممكن ولان الشراء يتأكد بالقبض ولهذا يستفاد به ملك التصرف العقار في ذلك والمنقول عندي سواء فيستقيم ان يجعل قبض ذي اليد صادرا عند عقده أو يجعل ذلك دليل سبق عقده فاما القضاء لا يتأكد بالقبض بل متأكد بنفسه فتتحقق فيه المعارضة بين البينتين. دار في يد رجل فأقام البينة انه باعها من فلان بألف درهم في رمضان وأقام فلان البينة انه اشتراها
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست