المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٧٣
(ألا ترى) انا لو عاينا ما أخبر به كان الملك ثابتا له بجهة الصدقة فكذلك إذا أخبر به وأثبته بالبينة وكذلك لو قال ورثتها ثم قال جحدني الميراث فاشتريتها منه وجاء بشاهدين على الشراء لان معنى التناقض والا كذاب انعدم بتوفيقه وهذا بخلاف ما لو كان ادعى الشراء أولا ثم جاء بشاهدين يشهدان على أنه ورثه من أبيه لان هذا في هذا المواضع لا وجه للتوفيق لأنه لا يمكنه أن يقول اشتريتها منه كما ادعيت ثم جحدني الشراء فورثتها من أبى وإذا اختلف شاهدا الرهن في جنس الدين أو مقداره فالشهادة لا تقبل لا كذاب المدعى أحد الشاهدين ولان الدين مع الرهن يتحاذيان محاذاة الثمن للمبيع ثم اختلاف الشاهدين في الثمن يمنع قبول شهادتهما على البيع فكذلك في الرهن فان اتفقا على ذلك واختلفا في الأيام والبلدان وهما يشهدان على معاينة القبض فالشهادة جائزة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله استحسانا وفي القياس لا تقبل وهو قول محمد وزفر رحمهما الله وعلى الخلاف الهبة والصدقة وان شهدوا على اقرار الرهن والواهب والمتصدق بالقبض جازت الشهادة بالاتفاق وجه القياس ان تمام هذه العقود بالقبض والقبض فعل واختلاف الشاهدين في الوقت والزمان في الأفعال يمنع قبول الشهادة كالغصب والقتل وهذا لان المشهود به مختف فالفعل الموجود في مكان غير الموجود في مكان آخر بخلاف ما إذا شهدوا على الاقرار فالاقرار كلام مكرر * يوضحه انه لو شهد أحدهما بمعاينة القبض والاخر باقرار الراهن به لم تقبل الشهادة وجعل الرهن في هذا كالغصب ولم يجعل كالبيع فكذلك إذا اختلفا في المكان والزمان وللاستحسان وجهان أشار إلى أحد الوجهين هنا (فقال) لان القبض قد يكون غيره مرة وأشار إلى الوجه الآخر في كتاب الرهن (فقال) لأنه لا يكون رهنا ولا قبضا إلا باقرار الراهن ومعنى ما ذكر هنا ان القبض بحكم الرهن فعل صورة ولكنه بمنزلة القول حكما لأنه يعاد ويكرر ويكون الثاني هو الأول (ألا ترى) أن المرتهن إذا قبض الرهن ثم استرده الراهن منه غصبا أو أعاره المرتهن إياه ثم قبضه منه ثانية فهذا يكون هو القبض الأول حتى يكون مضمونا باعتبار قيمته عند القبض الأول فعرفنا أنه مما يعاد ويكرر فلا يختلف المشهود به باختلاف الشاهدين في وقته بخلاف الغصب والقتل ولما أخذ شبها من أصلين توفر حظه عليهما (فنقول) لشبهه بالأفعال صورة إذا اختلف الشاهدان في الانشاء والاقرار لا تقبل الشهادة ولشبهه بالأقوال حكما لا يمتنع قبول الشهادة باختلاف الشاهدين فيه في الوقت والمكان ومعنى ما ذكر في كتاب الرهن ان حكم ضمان الرهن
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست