المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٤
في الولاء ولو شهد رجل على رجل ان مولاه أعتق أمه ثم ولدت بعد العتق لستة أشهر من فلان وهو عبد لفلان فقضى القاضي له بالولاء ثم جاء مولى العبد وأقام البينة انه كان أعتق أباه فلانا قبل موته وهو لا وارث له غيره جعلت له الميراث والولاء لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ولو عاينا ذلك حكمنا بجر الولاء إلى قوم الأب فكذلك إذا ثبت بالبينة وهذا لأنه ليس في هذه البينة ابطال القضاء الأول فان القضاء الأول كان قضاء بالولاء لمعتق الأم لأنه لا ولاء له من قبل الأب وهو صحيح ثم بقي ذلك الولاء عند الموت لعدم الدليل المحول لا لوجود الدليل المنفى فإذا ثبت الثاني الدليل المحول ببينته وجب القضاء بالولاء والميراث له بخلاف الأول فهناك البينة الثانية تقوم لابطال القضاء الأول بطريق المعارضة وقد بينا ان عند المعارضة الأولى يترجح بالقضاء فان نقض القضاء بدليل محتمل لا يجوز وإذا شهدا على موت رجل وأقر أنها لم يعاينا ذلك لم تجز إلا أن يكون مشهور الموت لأنه إذ لم يكن مشهورا وأقر انهما لم يعاينا فقد أقر انهما يشهدان بغير علم وإذا كان مشهور الموت فإنما يشهدان بما يعلمانه بالشهرة وان قالا نشهد بأنه مات أجزت ذلك والا استفسرهما لان مطلق الشهادة يجب حملها على سبب صحيح كما لو شهد بمطلق الملك قبلت شهادتهما ولا يستفسران أنهما يشهدان بذلك بظاهر اليد أو غيره وكذلك أن قال نحن دفناه أو شهدنا جنازته فهذا منهما شهادة بموته لان الحي لا يدفن ولا يصلى على جنازته وإذا أخبر الرجل المديون به أو المرأة انه عاين موت فلان فالذي انتهى إليه الخبر في سعة من يشهد على موته قيل معنى هذا إذا اشتهر عند الناس حتى سمعه الشاهد من واحد بعد واحد فأما إذا لم يسمعه إلا من هذا الواحد فإنه لا يجوز له أن يشهد بموته كما في النسب والنكاح وقد بينا وقيل بل في الموت يسعه ذلك إذا كان المخبر ثقة موثوقا به لان أمر الناس هكذا يكون فالميت إنما يعاينه من يغسله ثم يخبر الناس بذلك فيعتمدون خبره ويعلمون انه صادق في مقالته فيجوز له أن يعتمد هذا الخبر في الشهادة على موته وإذا جاء موت الرجل من أرض أخرى فصنع أهله ما يصنعون على الميت فإنه لا يسع أحد أن يشهد على موته حتى يخبر به من شهده ممن يثق به لان مثل هذا الخبر قد يكون حقا وقد يكون باطلا والغالب عند بعد المسافة أنه باطل فلا يعتمده حتى يخبره من يثق به عن معاينة فإذا أخبره بذلك وسعه أن يشهد (ألا ترى) انه لو مات ميت فأخرجت جنازته حتى يدفن وسع الجيران أن يشهدوا بموته وإن لم يعاينوا ذلك لأنهم سمعوا
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست