بنفسه ولهذا لا يوكل عند اطلاق التوكيل فلو جوزنا من الأول اجازته ما صنع الثاني كان مسويا له بنفسه في حق الغير وذلك لا يجوز وإذا طلب المشترى من الوكيل أن يكف عنه شهرا أو سنة على أنه على خصومته وعلى شفعته ففعل الوكيل ذلك لم تبطل به شفعة صاحبه لأنه لو طلب هذا من الموكل فأجابه إليه لم تبطل به شفعته وهذا لان التأخير إنما جعله محمد مبطلا للشفعة لدفع الضرر عن المشترى وينعدم ذلك عند التماس المشترى بطلبه وان مات الوكيل قبل الاجل ولم يعلم صاحبه بموته فهو على شفعته فإذا مضى الاجل وعلم بموته فلم يطلب أو يبعث وكيلا آخر يطلب له فلا شفعة له كما كان الحكم في الابتداء قبل أن يبعث هذا الوكيل ومقدار المدة له في ذلك مقدار المشترى من حيث هو على سير الناس لأنه لا يتمكن من الطلب الا بذلك وإنما يلزمه الطلب بحسب الامكان والله أعلم (باب شفعة أهل الكفر) (قال رحمه الله وإذا اشترى الكافر دارا بخمر أو خنزير وشفيعها كافر أخذها بخمر بمثل تلك الخمر وبقيمة الخنزير) لان الخمر والخنزير مال متقوم في حقهم فالبيع بهما صحيح بينهم ثم الشفيع يأخذ بمثل ما يملك به المشترى صورة ومعنى فيما له مثل فالخمر بهذه الصفة فهي مكيلة أو موزونة وبالمثل معنى فيما لا مثل له من جنسه والخنزير من هذه الصفة فإنه حيوان ليس من ذوات الأمثال فيأخذها بقيمته وان اشتراها بميتة أو دم فلا شفعة فيها لأنها ليست بمال متقوم في حقهم فالشراء بها يكون باطلا وبالعقد الباطل لا تجب الشفعة وان اشتراها بخمر وشفيعها مسلم وكافر فهما سواء في الشفعة لان الاخذ بالشفعة من المعاملات وهم في ذلك يستوون بالمسلمين والمقصود دفع ضرر سوء المجاورة وحاجة الذمي إلى ذلك كحاجة المسلم فيأخذ الذمي نصفها بمثل نصف الخمر والمسلم نصفها بنصف قيمة الخمر اعتبارا للبعض بالكل وهذا لأنه يعجز المسلم عين تمليك عن الخمر وقدر الكافر على ذلك فان أسلم الشفيع الكافر قبل أن يأخذها لم تبطل شفعته لان الاسلام سبب لتأكد حقه لا لابطاله ولكن يأخذ بقيمة الخمر لأنه قد عجز عن تمليك عين الخمر بعد اسلامه فيأخذ بالقيمة كما لو كان مسلما عند العقد ألا ترى أن المسلم لو اشترى دارا بكر من رطب فجاء الشفيع بعد ما انقطع الرطب من أيدي الناس فإنه يأخذها بقيمة الرطب بهذا المعنى وإذا أسلم أحد المتبايعين والخمر غير
(١٦٨)