المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٧٣
فهو في التصرف في الخمر كالمسلم فان نفوذ تصرف الكافر في الخمر باعتبار البناء على اعتقاده والمرتد غير مقر على ما اعتقده فلا ينفذ تصرفه فيها والحربي المستأمن في وجوب الشفعة له وعليه في دار الاسلام سواء بمنزلة الذمي لأنه من جملة المعاملات وهو قد التزم حكم المعاملات مدة مقامه في دارنا فيكون بمنزلة الذمي في ذلك فان اشترى المستأمن من دار الحرب أو لحق بدار الحرب فالشفيع على شفعته متى لحقه بدار الحرب لان لحاقه بدار الحرب كموته وموت المشترى لا يبطل شفعة الشفيع فإن كان وكل بالدار من يحفظها ويقوم عليها فلا خصومة بينه وبين الشفيع لأنه أمين فيها والأمين لا يكون خصما لمن يدعى حقا في الأمانة كما لا يكون خصما لمن يدعى رقبتها وإذا اشترى المسلم في دار الحرب دارا وشفيعها مسلم بدار له ثم أسلم أهل الدار فلا شفعة للشفيع لان حق الشفعة من أحكام الاسلام وحكم الاسلام لا يجرى في دار الحرب ولان المشترى مستول عليها واستيلاؤه على ملك المسلم في دار الحرب يزيل ملك المسلم فعلى حقه أولى أن يكون مبطلا حق المسلم وإذا اشترى المسلم في دار الاسلام دارا وشفيعها حربي مستأمن فلحق بدار الحرب بطلت شفعته لان لحوقه بدار الحرب كموته كمن هو من أهل دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت وبموته تبطل شفعته علم بالشراء أو لم يعلم ولان تباين الدارين يقطع العصمة ويبطل من الحقوق المتأكدة ما هو أقوي من الشفعة كالنكاح ثم المسلم المشترى مستول على الدار ولو استولى على ملك الحربي بطل به ملكه فلان يبطل به حقه أولى وإذا اشترى الحربي المستأمن دارا وشفيعها حربي مستأمن فلحقا جميعا بدار الحرب فلا شفعة للشفيع فيها لان لحاق الشفيع بدار الحرب كموته فيما هو في دار الاسلام وإن كان المشترى مع الشفيع في دار الحرب فإن كان الشفيع مسلما أو ذميا فدخل دار الحرب فهو على شفعته إذا علم لان المسلم والذمي من أهل دار الاسلام فدخوله دار الحرب غيبة منه وغيبة الشفيع لا تبطل شفعته إذا لم يكن عالما بها فان دخل وهو يعلم فلم يطلب حتى غاب بطلت شفعته لتركه الطلب بعد ما تمكن منه لا لدخوله دار الحرب وإذا بطلت الشفعة ثم عرض له سفر إلى دار الحرب أو إلى غيرها فهو على شفعته إذا كان على طلبه لان حقه قد تقرر بالطلب وقد بينا اختلاف الرواية في هذا الفصل فإن كان المشترى أخره مدة معلومة فهو على شفعته عندهم جميعا لان عند محمد بمضي شهر إنما تبطل شفعته لدفع الضرر عن المشترى فإذا كان هو الذي أخره فقد رضى بهذا الضرر
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست