المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٦٩
مقبوضة والدار مقبوضة أو غير مقبوضة انتقض البيع لفوات القبض المستحق بالعقد فالاسلام يمنع قبض الخمر بحكم البيع كما يمنع العقد على الخمر ولكن لا يبطل حق الشفيع في الشفعة لان وجوب الشفعة بأصل البيع وقد كان صحيحا وبقاؤه ليس بشرط لبقاء حق الشفيع في الشفعة كما لو اشترى دارا بعبد فمات العبد قبل التسليم في الخمر بينه وبين الآخر بسبب اسلامه وذلك انتقض البيع ولم يبطل به حق الشفيع فيأخذها الشفيع بقيمة الخمر إن كان هو مسلما أو كان المأخوذ منه مسلما لتعذر تمليك عين الخمر بينهما وان كانا كافرين أخذهما بمثل تلك الخمر لان من أسلم من المتعاقدين قد تعذر القبض والتسليم في الخمر بينه وبين الآخر بسبب اسلامه وذلك غير موجود بين الشفيع والمأخوذ منه ولو كانا كافرين وإذا كان اسلام أحد المتعاقدين بعد قبض الخمر قبل قبض الدار فالبيع بينهما يبقى صحيحا لان حكم العقد في الخمر ينتهى بالقبض والإسلام لا يمنع قبض الدار فإذا اشترى الدار بيعة أو كنيسة أو ثبت بان ثم حضر الشفيع فله أن يأخذها بالشفعة لان حقه مقدم على حق المشترى وهو متمكن من بعض ما المشترى وتصرفه ألا ترى ان المسلم لو كان جعل الدار مسجدا ثم حضر الشفيع كان له أن يأخذها بالشفعة فهذا أولى لان اتخاذ البيعة معصية ليس فيها معنى الطاعة ولو مات المشترى فبيعت الدار في دينه ثم حضر الشفيع كان له أن يأخذها بالبيع الأول ويبطل البيع الثاني كما لو كان المشتري هو الذي باعها بنفسه ولو كان المشترى للدار بالخمر ذميا فأسلم وارثه بعد موته كان للشفيع أن يأخذها بقيمة الخمر كما لو كان المشتري هو الذي أسلم بنفسه وإذا اشترى الذمي من الذمي دارا بخمر وتقابضا ثم صارت خلا وأسلم البائع والمشترى ثم استحق نصف الدار فنقول إن كان المشترى هو الذي أسلم ولم يسلم البائع أو أسلم البائع بعد اسلام المشترى أو أسلما معا بقي النصف المستحق ويأخذ المشترى نصف الخل فقط لان بالاستحقاق ينتقض العقد من الأصل وخمر المسلم لا يكون مضمونا على الكافر فهو كما لو غصب من مسلم خمرا فتخللت فإنه يأخذ الخل ولا شئ له غيره فاما في المنصف الذي لم يستحق المشتري بالخيار لبعض الملك عليه فان اختار فسخ العقد رجع بنصف الخل لما بينا ان الخمر لا تكون مضمونة له على أحد وهذا إذا كانت الخمر بعينها فإن كانت بغير عينها فلا خيار له في النصف الباقي لأنه لو ردها ردها بغير شئ ولا سبيل له على الخل لأن العقد ما يتناول هذا بعينه وإنما تناول خمرا في الذمة فعند الفسخ يعود حقه في ذلك والخمر لا يجوز أن يكون دينا للسلم على آخر فاما
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست