المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٧٠
إذا كان البائع هو الذي أسلم دون المشترى أو أسلم البائع أولا ثم المشترى فكذلك الجواب عند أبي يوسف فاما على ما رواه زفر وعاقبه عن أبي حنيفة من الفرق بين اسلام الطالب والمطلوب فنقول في النصف المستحق بالخيار ان شاء أخذ نصف الخل وان شاء ضمن البائع نصف الخمر لأنه يتبين أن البيع في هذا النصف كان باطلا والخمر تكون مضمونة للكافر على المسلم وقد تغير المقبوض في يده حين تخللت فإن شاء رضي بالتغير ويأخذ نصف الخل وان شاء ضمنه نصف قيمة الخمر وفي النصف الذي لم يستحق يتخير لبعض الملك فان فسخ العقد وكانت الخمر بعينها تخير بين أن يأخذ بنصف الخل وبين أن يرجع بنصف قيمة الخمر للتغير في ضمان البائع وإن كان الخمر بغير عينها فإذا فسخ العقد رجع بنصف قيمة الخمر لا غير لأن العقد ما يتناول هذا العين وعند الفسخ إنما يرجع بما يتناوله العقد فلهذا يرجع بنصف قيمة الخمر فإن كان البائع قد استهلك الخل ففي المعين له أن يرجع عليه بمثله لان الخل من ذوات الأمثال وإن لم يقدر على مثله فالرجوع بقيمته وهو على التخريج الذي بينا وإذا باع الذمي كنيسة أو بيعة أو بيت نار فالبيع جائز وللشفيع فيها الشفعة لأنهم أعدوا هذه البقعة للمعصية فلا تزول عن ملكهم بذلك وجواز البيع فيها كجوازه في دراهم بخلاف المساجد في حق المسلمين فالمسجد يتجرد عن حقوق العباد ويصير لله تعالى خالصا وهذا لان صيرورة البقعة لله تعالى يجعلها معدة لطاعة الله تعالى فيها لا للشرك والمعصية (قال وصاحب الطريق أولى بالشفعة من صاحب مسيل الماء) لان عين الطريق مملوك لصاحبه وصاحب الطريق شريك في حقوق المبيع فاما صاحب المسيل له حق سيل الماء في ملك الغير ولا شئ له من ملك ذلك الموضع والشفعة لا تستحق بمثله كجار السكنى وصاحب المسيل باعتبار ملكه جار لاتصال ملكه بالدار المبيعة والشريك في حقوق المبيع مقدم على الجار وكذلك صاحب العلو والسفل إذا لم يكن طريقه في الدار فكل واحد منهما جار لصاحبه بمنزلة بيتين متجاورين على الأرض وقد تقدم بيان الكلام في استحقاق العلو بالشفعة وصاحب الجذع في حائط من حيطان الدار أو الهوادي بمنزلة الدار لأنه في معنى المستعير بوضع الهوادي على ملك الغير فلا تستحق الشفعة باعتباره وقد بينا الفرق بينه وبين الشريك في أصل الحائط فان الشريك في أصل الحائط شركته في نفس المبيع فهو أولى من الشريك في الطريق لان شركته في حقوق المبيع وإذا اشترى مسلم من مسلم أرض عشر ولها شفعاء ثلاثة مسلم وذمي وثعلبي فاخذوها جميعا بالشفعة فعلى
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست