المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٧٩
الا آخر لان القبض يصلح حجة لدفع الاستحقاق إذا زاحمه غيره فيما هو في يده ولا يكون حجة لاثبات الاستحقاق في الدار الأخرى ولو وقت أحدهما ولم يوقت الآخر قضيت لصاحب الوقت بالشفعة لان شراء الآخر حادث فإنما يحال بحدوثه إلى أقرب الأوقات وكذلك لو ادعى هبة مقبوضة موقتة فالهبة مع القبض في إفادة الملك كالشراء وإذا كان درب غير نافذ وفيه دور لقوم فباع رجل من أرباب تلك الدور بيتا شارعا في السكة العظمى ولا طريق له في الدار فلأصحاب الدرب أن يأخذوا البيت بالشفعة لشركتهم في الطريق فان سلموها ثم باع المشتري البيت بعد ذلك فلا شفعة لأهل الدرب فيه لأنه لا طريق للبيت في الدرب فبالبيع الأول قد انقطعت شركة الطريق لصاحب البيت مع أصحاب الدرب وإنما الشفعة في البيت للجار الملاصق وكذلك لو باع قعطة من الدار بغير طريق لها فلهم الشفعة لقيام شركتهم في الطريق وقت البيع فان سلموها ثم باع المشترى فلا شفعة فيها الا لمن يجاورها لانقطاع الشركة في الطريق عند البيع الثاني وإذا كان الدرب غير نافذ وفي أقصاه مسجد خطبة وباب المسجد في الدرب وظهر المسجد وجانبه الآخر إلى الطريق الأعظم فباع رجل من أهل الدرب داره فلا شفعة لأهل الدرب فيها الا لمن يجاورها بالجوار لان المسجد بمنزلة الطريق النافذ ألا تري ان موضع المسجد ليس بمملوك لأهل الدرب وان أهل الطريق الأعظم لو أرادوا أن يكون لهذا المسجد باب إلى الطريق الأعظم ليدخلوه للصلاة كان لهم ذلك إذا لم يضر ذلك بأهل الدرب ولهم أن يدخلوا في ذلك الدرب ليصلوا في المسجد ثم يخرجوا من جانب الطريق الأعظم فعرفنا أنه بمنزلة الطريق الأعظم النافذ فلا تستحق الشفعة إلا بالجوار وعلى هذا حكم السكك التي في أقصاها الوادي المجتاز ولو كان حول المسجد دور يحول بينه وبين الطريق الأعظم كأن لأهل الدرب الشفعة بالشركة لان المسجد الآن ليس بطريق نافذ ألا ترى أنه لو رفع بناء المسجد لم يصر الطريق نافذا بخلاف الأول فإنه لو رفع بناء المسجد صار الدرب طريقا نافذا إلى الطريق الأعظم وفي الموضعين جميعا يجعل المسجد بمنزلة فناء ولو كان في أقصى الدرب باب نافذ إلى السكة العظمى كان ذلك طريقا نافذا وإن كان الفناء إلى دور قوم لم تكن سكة نافذة ولو كان موضع المسجد دارا فيها طريق إلى الدرب يخرج من باب آخر منها إلى الطريق الأعظم فإن كان طريقا للناس ليس لأهل الدرب أن يمنعوه فلا شفعة لأهل الدرب الا بالجواز وإن كان طريقا لأهل الدار خاصة فأهل الدار شفعاء بالشركة
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 » »»
الفهرست