المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٧٥
فيه لان أصل المدعى لم يكن مالا فهو كما لو صالح عن القصاص على البيت وإذا ادعى على رجل مالا فصالحه على أن يضع جذوعه على حائطه أو يكون له موضعها أبدا وسنين معلومة ففي القياس هذا جائز لان ما وقع عليه الصلح معلوم عينا كان أو منفعة ولكن ترك هذا القياس فقال الصلح باطل ولا شفعة للشفيع فيها لان المصالح عليه ليس برقبة الحائط ولا منفعة معلومة فالضرر على الحائط يختلف باختلاف الجذوع في الغلظ والدقة في مدة المنفعة لا تستحق بالإجارة فان استئجار الحائط مدة معلومة أو أبدا لوضع الجذوع عليه لا يجوز فكذلك إذا وقع الصلح عليه أرأيت لو صالحه على أن يضع عليها هوادى أو على أن يضع جذعا له في حائط أكان يكون فيه الشفعة لا شفعة في شئ ء من ذلك وكذلك لو صالحه على أن يصرف مسيل مائه إلى دار لم يكن الجار أن يأخذ مسيل مائه بالشفعة لأنه ما ملكه بالصلح شيئا من العين وإنما أثبت له حق مسيل الماء في ملكه وذلك لا يستحق بعقد مقصود ولهذا لا يجوز استئجاره فلا يكون للشفيع فيها الشفعة وفي الكتاب أشار إلى حرف آخر قال ألا تري أن المسيل لا يحول عن حاله ولو أخذها الشفيع بالشفعة لم يستفد به شيئا لأنه لا يستطيع أن يسيل فيه ما أراده فإنه لا يسيل فيه الا من حيث وجب أول مرة وقد كان ينبغي في القياس أن يأخذه بالشفعة ولكنا نقول تركنا القياس وأبطلنا الصلح والشفعة لما قلنا ولو صالحه على طريق محدود معروف في دار كان للجار الملاصق أن يأخذ ذلك بالشفعة وليس الطريق فيها كمسيل الماء لان عين الطريق تملك فيكون شريكا بالطريق ولا يكون شريكا بوضع الجذع في الحائط والهوادي ومسيل الماء والقياس في الكل سواء وعلى معنى الاستحسان قد أوضحنا الفرق بينهما وإذا ادعى الرجل على الرجل ألف درهم فصالحه منها على دار بعد الاقرار أو الانكار فسلم الشفيع الشفعة ثم تصادقا على أنه لم يكن عليه شئ فرد الدار عليه بحكم أو بغير حكم فلا شفعة فيها لان ما وجب له من الشفعة بالصلح قد أبطله بالتسليم والرد بهذا التصادق ليس بعقد فلا تتجدد به الشفعة كما لو تصادقا على أن البيع كان تلجئة بينهما أو رهنا بمال وقد سلم الشفيع الشفعة وإن لم يكن الشفيع سلم الشفعة فله أن يأخذها ولا يصدقان على ابطال حقه إلا على قول زفر وهو رواية عن أبي يوسف وأصله فيما لو تصادقا فان البيع كان تلجئة أو بخيار البائع ففسخ البيع وجه قول زفر أنهما ينكران وجب الشفعة للشفيع وإنما يستحق الشفيع الشفعة عليهما فإذا أنكراه كان القول في ذلك قولهما كما لو أنكر البيع
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست